خريستو المرّ
الثلاثاء ٢٥ أيّار / مايو ٢٠٢٢ في ٢٥ أيّار ٢٠٠٠، وتحت ضربات مقاومة استمرّت لسنوات طوال، انسحب جيش الاحتلال مدحورًا من لبنان. اليوم يوم فرح لأنّ الظُلم قُهِرَ فيه. خلال سنوات الاحتلال الطوال، كانت معزوفة المنهزمين (وعلى رأسهم بطريرك بكركي) بأنّ المطالبة بتنفيذ قرارات الأمم المتّحدة (القرار ٤٢٥) هو الكفيل بإنهاء الاحتلال لأنّنا بلد ضعيف. من يُريد، يفهم أنّ الدول الكبرى وأتباعها، تدوس القرارات الدوليّة متى تشاء، وأنّ الشعوب المقهورة لا يمكنها أن تبلغ العدالة دون أن تَغْلِبَ ظالميها، أو تقاومهم، حتّى تصبح كلفة الظلم ودعمه أعلى من كلفة العدالة. لا تُلزم الدول الكبرى نفسها تطبيقَ القوانين الدوليّة واحترامَ حقوق الإنسان، وحتّى اليوم لم يمثل واحدٌ من عتاة سفّاحيها، أكانوا رؤساء جمهوريّات أم وزارات، أمام أيّ محكمة دوليّة، بينما تهدّد تلك الدول بالقانون الدولي سفّاحي بلادنا عندما لا ينصاعون لأوامرها، وتغضّ الطرف (إلى حين) عنهم إن كانوا من اصدقائها. إسرائيل تقتل وتسحل وتسجن وتعذّب وتهدّد الفلسطينيّين يوميًّا، وتقصف وتقال في سوريّا، وتهدّد لبنان وإيران، دون أيّ تنديد يُذكَر لا من إعلامٍ ولا من حكومةٍ في بلاد "القوانين الدوليّة". أمّا حكومة الولايات المتّحدة فتهدّد الرئيس الروسيّ بالمثول أمام المحكمة الدوليّة، وهي حكومة بلد صوّت مع إسرائيل، والصين، وقطر، والعراق، وليبيا، واليمن ضد قانون روما الأساسي (The Rome Statute) الذي أنشأ المحكمة الدوليّة ولم يوقّع عليه. فَرَحُنا بالتحرير لا يُلغِ مسؤوليّة ما بعد التحرير، وهي مسؤوليّة مشتركة بين جميع مَن شاركوا في الحكم. لا يكفي التشديد على الدفاع عن السيادة على الأرض بطرد المحتلّ، دون ذكر استباحتها من قبل المصارف اللبنانيّة، ثمّ صندوق النقد الدولي، تلك الاستباحة التي يتشارك فيها أطراف هذا النظام الذين توحّدوا رغم خصوماتهم في اجتماع لجنة تقصّي "الحقائق" الماليّة الشهيرة التي عملت على حماية المصارف من أيّة خسارة. إنّ السيادة العزيزة في خطابات أحزاب النظام كافّة، فرشتها تلك الأحزاب أمام أقدام المصرفيّين، وأقدام الزعماء الناهبين. ما خلا خطاب مواطنون ومواطنات في دولة، كان الكلام الانتخابيّ عبارة عن حماسيّات خطابيّة وحشد مشاعر وذرّ للرماد في العيون. رغم ذلك، يبقى طرد المحتلّ، مهما كان موقف الإنسان من الحزب الذي كان له المساهمة الكبرى في طرده، دليلًا على قدرة شعبٍ صغير، في ظلّ دعم خارجيّ، أن يقاوم دولة تفوقه تسلّحًا بآلاف المرّات. ويبقى نجاح بضعة من المستقلّين عن أحزاب السلطة، جميلٌ، ولكن لن يتحوّل الجمال إلى أمل إلّا بتحويل النجاح الفرديّ إلى عمل جماعي تحت مظلّة وطنيّة مع أحزاب خارج السلطة. حتّى تحين ساعة تغيير هذا النظام الإجراميّ الذي أفقر ٨٠ بالمائة من الناس والذي نتمنّى دكّه دكًّا، فلنضع نصب أعيننا تلك الصورة الفاضحة لأحزاب النظام وهي تدافع عن المصارف بشراسة داخل لجنة تقصّي "الحقائق" الماليّة النيابيّة في مواجهة مع حكومة حسّان دياب وصندوق النقد الدوليّ الذي باتت تبدو سياساته أقلّ جرائميّة من تلك سياسات الأحزاب التي تريد بيع الأملاك العامّة، والإمعان في تفتيت حياة الناس وسيادتهم على حياتهم وبلادهم. Comments are closed.
|
الكاتبخريستو المر الأرشيف
December 2023
Categories |