خريستو المرّ
الثلاثاء ٢٦ تمّوز / يوليو ٢٠٢٢ اعتاد المسؤولون الرسميّون في الكنائس في لبنان الدوس على القانون، من بطاركة ومطارنة (دون أن نشمل الجميع) يسعون لحلّ أمور جرميّة بحسب ما يرتأون لهم. وما طفا على السطح في السنوات الأخيرة أنّهم سعوا لحماية ناهبي الدولة والناس في لبنان، وهادنوا ويهادنوا جرائم أنظمة المنطقة، وحموا ويحموا مغتصبيّ الأطفال والمراهقين من الملاحقة القانونيّة. وها أنّ المطران الياس عودة، يعتبر أنّ استدعاء مطران للتحقيق "يُنذر بوجود نهج جديد في التعامل الأمني والقضائي يؤدي إلى تداعيات خطيرة على مستوى الوطن، وهذا أمر خطير ومرفوض ونأمل عدم تكراره". في بلد كلبنان، العادة فيه تكمن في تسوية القانون بالأرض، ويحمي فيه رجالُ الدين زملاءَهم عندما يغتصبون ويتحرّشون من أيّة ملاحقة قضائيّة، لا يمكننا إلّا أن نرى بأنّ التعامل مع الحاج غير اعتياديّ، ولا يمكن أن يُفهَم إلّا "استفزازًا" في بلد يضرب فيه السياسيّون ورجال الدين من الأديان جميعًا بالقوانين عرض الحائط، أو يشتكون من تسييس القضاء بعدما يكونوا قد شاركوا في تسييسه. إنّ كلام المطران عودة لا يعني سوى أنّه يعتبر أنّ رجال الدين فوق القانون العادل، وفوق الدولة، وفوق المجتمع. عدا اعتبار رجل الدين لأنفسهم أنّهم فوق القانون، فإنّ الأمر الكارثي الآخر في قضيّة المطران الحاج، هو أنّ العديدين لا يرون مشكلة في التعامل مع كيان الاحتلال. فها أنّ سياسيّ محسوب على «المسيحيّين» يذكّر على التلفاز بأنّ «المسلمين» في الخليج بدأوا بالتطبيع مع الاحتلال ويتساءل عن موقف الرئيس "المسيحيّ" المقبل؟ وهو يوحي، دون أن يعترف صراحةً، بأنّه حان موعد انغماس لبنان في جريمة التطبيع. هذا ليس تفصيلًا هامشيًّا، هذا موقف سياسيّ لجماعات لبنانيّة من الطوائف جميعًا تدّعي منذ سنوات "حبّ الحياة"، ولا ترى ما يستوجب النقد في المنطقة إلّا أعداء اسرائيل. وها أنّ البطريرك الراعي يرعى في العملاء الهاربين إلى إسرائيل "رسالة"! رسالة ماذا بالضبط؟ لا يشرح. يقول يسوع أنّ "ليس كلّ من يقول يا ربّ يا ربّ يدخل ملكوت السماوات، وإنّما الذي يفعل إرادة أبي الذي في السماوات". دولة الاحتلال هي دولة استعماريّة مبنيّة على التمييز العنصريّ، وتستمرّ بالاحتلال والتنكيل والتمييز العنصريّ والقتل والاعتقالات والتدمير الممنهج، ويعرف كلّ عاقل، كما وكلّ مسيحيّ، أنّ هذه ليس إرادة الله كما يعكسها الانجيل. مَنْ وضع يده في يد تلك الدولة، وقف ضدّ الضعيف والمهمّش، ولذا لن تجد يده يدَ يسوع وإنّما يدًا ضدّه. المطران الحاج يمثّل الكنيسة المارونيّة في مجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكيّة في فلسطين والمجلس أصدر بيانا واضحا منذ سنوات يقول فيه "إنّ موقف الكنيسة هو التزامُ العدل والتنديد بكلّ ظلم"، وأنّه يجب أن يتجنّب المسيحيّون إقامة "نشاطات توحي وكأنّ الوضعَ طبيعيّ" مع دولة الاحتلال الظالمة. هذا بيان ليس فقط ضدّ علاقات طبيعيّة، وإنّما ضدّ أيّ نشاط يمكن أن يوحي بأنّ العلاقات طبيعيّة. إنّ المطران الحاج ملزم معنويّا بأن يتجاوز القوانين اللبنانيّة، ليكون أكثر جذريّة وذلك بالابتعاد حتّى عمّا يوحي بالتطبيع. ولكن قضيّته انتهت دون نقاش مفتوح في المجتمع حول التطبيع، فالمستفيدون في الطوائف يرتاحون بإغلاق كلّ نقاش يمكن أن يهدّد مزاياهم وتنصيبهم لذواتهم «سوبر» مواطنين يعلون مجتمعهم. كلّ المطارنة والبطاركة والشيوخ وحاملي الألقاب المختلفة، هم في النهاية رجالٌ (النساء استثناء) يعملون في وظائف محدّدة في أديانهم وطوائفهم، ومن واجبهم احترام القوانين العادلة لمجتمعهم مهما كان احترام أيّ إنسان آخر لها. أليس من المفترض أن يكون هؤلاء قدوة؟ Comments are closed.
|
الكاتبخريستو المر الأرشيف
December 2023
Categories |