خريستو المرّ، ٦ تشرين ثاني / نوفمبر ٢٠٢٣ (المفكرة القانونية)
------- يذكر خافيير عيد في كتابه «متجذّر في فلسطين»[1] بأنّ الفلسطينيّين المسيحيّين يفخرون بأنّهم امتداد غير منقطع للمسيحيّين الأوائل منذ العنصرة وتأسيس الكنيسة. وغزّة بالتحديد كانت مركزًا مسيحيًّا وعلميّا مهمّا منذ بدايات المسيحيّة، ويرد ذكر الجماعة المسيحيّة وأسقفها سيلفانوس في كتاب «تاريخ الشهداء في فلسطين» للمؤرّخ يوسابيوس القيصريّ (بدايات القرن الرابع) الذي يؤرّخ للمسيحيّين الذين قضوا تحت الاضطهاد الرومانيّ. وقد شارك أسقف غزّة في المجمع المسكونيّ الأوّل الذي بدأ بوضع أسس العقائد اللاهوتيّة المسيحيّة والمنعقد في مدينة نيقية (تركيا اليوم) عام 325م، وبالتالي تكون غزّة قد ساهمت في وضع أسس العقيدة المسيحيّة. أمّا الأسقف بورفيريوس (347 – 420م.) فكان أسقف غزّة حتّى وفاته في القرن الخامس وعلى اسمه سمّيت كنيسة غزّة الحاليّة التي دكّها الاحتلال الصهيونيّ على رؤوس الملتجئين إليها. ومنذ الفتح العربيّ للمنطقة تعرّب لسان شعوب المنطقة، ويتبع المسيحيّون العرب الأرثوذكس في فلسطين والأردن بطريركيّة القدس وعلى رأسها بطريرك يونانيّ. وبالإضافة إلى الأكثريّة الأرثوذكسيّة هناك السريان والأقباط والأرمن والأثيوبيّون والموارنة والكلدان والأشوريّون والبروتستانت. وإن كان معظم المسيحيّين الموجودين في غزّة اليوم هم من اللاجئين من يافا واللدّ بعد احتلال أجزاء من فلسطين عام 1948[2]، إلا أن التقديرات تشير إلى أنّ حوالي ثلثيْ المسيحيّين فيها حاليّا هم من الأرثوذكس والثلث الباقي من الكاثوليك. كنيسة بورفيريس كنيسة بورفيريوس التي دكّها الاحتلال هي من أقدم كنائس العالم إذ يعود بناؤها إلى القرن الخامس. وتذكر أستاذة الأديان في جامعة تينيسسي (Tennessee) كريتين شيباردسون (Christine Shepardson) أنّ مبنى الكنيسة «هو تجديد في القرن التاسع عشر لكنيسة بناها الصليبيون الأوروبيون في القرن الثاني عشر فوق أنقاض نسختها من القرن الخامس، كان قد تمّ تحويلها إلى مسجد»[3]. المصير الواحد يتشارك المسيحيّون والمسلمون المصير نفسه منذ أكثر من ألف عام. معًا عانوا من الحروب الصليبيّة التي لم تسلم المسيحيّة الشرقيّة من شرورها. وقد عانى الفلسطينيّون معا من المشروع الصهيونيّ الذي غرسته اللاساميّة الأوروبيّة في فلسطين والذي احتلّ الأرض وطرد الفلسطينيّين، سكّان الأرض، وعاث فسادا وإجراما وتنكيلا بشكل متصاعد منذ عام 1948، ولم يزل حتّى كتابة هذه السطور حيث يدكّ سكّان مدينة غزّة ويقتل فيها المدنيّين ويقصف المستشفيات والمدارس البيوت حارقا من فيها وهادمها على رؤوس الفلسطينيّين، وحيث يقوم المستوطنون في الضفّة الغربيّة بهجمات إرهابيّة ويمعنون قتلا وتنكيلا وإرهابا وحرقا بحماية جنود الاحتلال، وحيث تعتقل أدوات الاحتلال ألاف الفلسطينيّين ومنهم أطفال دون وازع ودون سبب ودون محاكمة. في غزّة، كما في الضفّة كما في الداخل الفلسطينيّ، يتجرّع المسلمون والمسيحيّون كأس آلام الاحتلال العنصريّ ويعانون معا من التمييز العنصريّ ومن سياسات التدمير. معا يعيشون ومعا يموتون تحت الركام على مرأى ومسمع من العالم وبمشاركة فاعلة من الاستعمار الأوروبيّ والشمال الأميركيّ. معا تنتثر جثثهم تحت الركام، معًا يموتون، معا يبكون، ومعا يقاومون بطرق شتّى ليصلوا إلى حياة حرّة كريمة على أرضهم. اشتراك المسيحيّين في مقاومة الاحتلال يفصّل خافيير أبو عيد («متجذّر في فلسطين») مساهمات المسيحيّين الفلسطينيّين في ملحمة مواجهة الفلسطينيّين من زاوية وطنيّة كجزء من الشعب الفلسطينيّ – وليس من زاوية طائفيّة أو استعماريّة (أقلّية دينيّة) – لمشاريع استعمار فلسطين بدءا من وعد بلفور. ففي ثلاثينات القرن العشرين، شارك فلسطينيّون مسيحيّون في اللجنة العربيّة العليا (1936). وكان الفلسطينيّون المسيحيّون الأرثوذكس ولا يزالون في تضاد صارخ مع بطريركهم اليونانيّ الذي كان -وما يزال- يؤجّر ويبيع أراضي إلى الحركة الصهيونيّة (أبو عيد ص. 38). وانسحبت مشاركتهم على مراحل النضال الفلسطينيّ منذ مواجهات عام 1948: مثل المواجهات في الناصرة والقرى المحيطة بها مثل قريتي معلول (التي لم يبقَ منها سوى بقايا كنيسة) ومجيدل، وقرى في الجليل، أكثرها دمّر تماما ولم يبقَ منه أثر، مرورا بقيادات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بقيادات مسيحيّة (جورج حبش، المهجّر من اللدّ قرية القدّيس جاورجيوس ووديع حدّاد) والانخراط في النضال العسكريّ بعد هزيمة 1967 وبالأخصّ بعد معركة الكرامة في الأردن (التي هُزِمَ فيها كومندوس صهيونيّ هاجم مخيّمات للتدريب) التي أجّجت الأمل بتحرّر فلسطين. وصولا إلى داعم المقاومة الفلسطينيّة المطران هيلاريون كبّوجي الذي سمّى نفسه على اسم قدّيس من غزّة هو هيلاريون الكبير (291 – 371 ميلادي) والذي يُعتبر مؤسّس الرهبنة الفلسطينيّة. وصولا إلى تأسيس كايروس فلسطين وانخراط المسؤولين الكنسيّين بشكل جماعي وعلنيّ بالنضال من أجل تحرير فلسطين من خلال مشاركتهم بالدعوة إلى مقاطعة كيان الاحتلال وتوجّههم إلى الكنائس العالميّة وإدانتهم الاحتلال بكلماتٍ لا لُبس فيها، وإبقائهم باب النضال العنفيّ مفتوحا مع تشديدهم على تبنّي خيار النضال اللاعنفيّ بالنسبة للكنيسة. ومن الأسماء الوازنة لاهوتيّا اليوم في كشف وجه إجرام الاحتلال وتناقضه مع الرسالة الإنجيليّة، ودحض الرواية الصهيونيّة-المسيحيّة حول وجود «إسرائيل»، نذكر القسّ متري الراهب من الكنيسة البروتستانتيّة اللوثريّة ورئيس جامعة دار الكلمة في بيت لحم، والقسّ نعيم عتيق من الكنيسة الأنغليكانيّة (مهجّر من بيسان)، والمطران عطا الله حنّا من الكنيسة الأرثوذكسيّة. هجرة المسيحيّين يفيد تعداد عام 1922 للانتداب البريطاني في فلسطين بوجود أكثر من 73 ألف مسيحيّ، وقد انخفض عدد المسيحيين في فلسطين اليوم بعد قرن من الزمن إلى حوالي 50 ألفًا، منهم حوالي الألف شخص في غزّة ،[4] نصفهم من الفلسطينيين الذين هجّرهم التطهير العرقيّ للاحتلال الصهيونيّ عام 1948. يوضح الدكتور متري الراهب والدكتور خافيير أبو عيد بشكل لا لُبسَ فيه أنّ انخفاض عدد المسيحّين يعود لنفس الأسباب التي يعاني منها المسلمون ألا وهي الاحتلال الاسرائيليّ. وبينما يخدع الصهاينة الغرب بقولهم أنّهم يحمون المسيحيّين من التطرّف الإسلاميّ، فإنّ المسيحيّين في فلسطين يخبرون عن معاناتهم المشتركة من الاحتلال الذي يسبّب ضيق الحال وانعدام الأمن والأمان فـ «الهجرة والنزوح يستمرّان كجرح مفتوح… دون سلام [قائم على العدل] سيستمرّ هذا الجرح بالنزف، والمسيحيّون سيستمرّون في الهجرة»[5] (ص. 131). والسبب الأساس في كلّ هذا هو الاستعمار الأوروبّي الذي نزع الأرض من سكّانها ودعم قيام نظام استعمار احتلاليّ وتمييز عنصريّ في فلسطين. وكانت تعاملت بعض الكنائس المسيحيّة الإنجيليّة مع المسيحيّين في بلادنا من خلال نظرة ضيّقة تؤسطر وضع مسيحيّي بلادنا كـ «أقلّية»، وتغرّبهم عن واقعهم، وتحوّلهم إلى مادة للتعاطف الفوقيّ لكنّ هذا هو «تصورٌ غربي وليس وصفًا واقعيًا للواقع على الأرض… مثل هذا الخطاب يوضح [واقع] الغرب أكثر ممّا هو يوضح [واقع] مسيحيي الشرق الأوسط، ويهدف إلى جعل الغرب يشعر بالتفوق باعتباره قارّة “متحضرة” مقارنة بالشرق الأوسط المتوحش»(ص. 149). وتحليل القسّ متري راهب يوضح الوعي الثاقب للفلسطينيّين المسيحيّين، ومسؤوليهم الكنسيّين، الذين يرون أنّ «مسيحيّي الشرق الأوسط كانوا ضحايا استعمار أوروبّي- أميركي أدّى إلى إضفاء الصعوبة على حياة المسيحيّين» منذ بداية المشروع وحتّى أيّامنا (ص. 151)؛ وفي ختام تحليله، يخلص متري راهب إلى القول: «لست على علم بحالة واحدة لعبت فيها الإمبراطوريات الغربية دورًا بناءً في خلق إطار سياسي حيث يمكن للمسيحيين ولغيرهم في الشرق الأوسط أن يزدهروا.» (ص. 150). يجب أن نفهم أن الإجرام الحالي الذي يُنزله النظام الصهيونيّ (والإمبراطوريات الغربيّة السابقة والحاليّة) بفلسطينيّي غزّة هي متابعة للمشروع الاستعماريّ الصهيونيّ والأوروبّي-الشمال أميركيّ. إن فهمنا ذلك يتّضح وجه الإجرام برؤوسه الثلاثة الصهيونيّة-الأوروبيّة-الأميركيّة. كايروس أمام هذا الإجرام بحقّ الحياة والإنسان، لا ينفع الكلام فقط ولا مخاطبة الضمير، بل استخدام القوّة. وبالقوّة لا نعني العنف ضرورة. القوّة هي الضغط الذي يمارسه إنسان أو مجموعة على مجموعة أخرى لتوقف ظلمها وهذه ضرورة للدفاع عن الحياة التي تبقى الهدف الأساس. بناء على الإيمان المسيحيّ القائل بأنّ كلّ إنسان هو على صورة الله وأنّ الإنسان مقدّس وبالتالي القتل شرّ، يمكن للإنسان اتّخاذ موقف صارم بعدم الدعوة للقتل تحت أيّ ذريعة، وهو الموقف الذي يفترض أن يتّخذه عادة رجال الدين المسيحيّون (مع أنّ التاريخ البعيد والقريب يحمل دعوات من رجال الدين تشرّع قتل الأعداء). التقى ممثّلو ثلاث عشرة كنيسةً رسميّةً ومؤسّسةً فلسطينيّةً[6] من أجل إطلاق “وقفة حقّ – فلسطين” (Kairos Palestine) عام 2009، ووقّعوا على البيان التأسيسيّ الذي قالوا فيه بشكلٍ لا لبسَ فيه: “نعلن، نحن الفلسطينيين المسيحيّين، في هذه الوثيقة التاريخيّة، أنّ الاحتلالَ العسكريّ لأرضنا هي خطيئةٌ ضدّ الله والإنسان، وأنّ اللاهوت الذي يبرِّر هذا الاحتلالَ هو لاهوتٌ تحريفيٌّ بعيدٌ جدًّا عن التعاليم المسيحيّة؛ حيث إنّ اللاهوت المسيحيّ الحقَّ هو لاهوتُ محبّةٍ وتضامنٍ مع المظلوم، ودعوةٌ إلى إحقاق العدل والمساواة بين الشعوب… إنّ استخدامَ الكتاب المقدّس لتبرير (أو تأييد) تيّاراتٍ ومواقفَ سياسيّةٍ فيها ظلمٌ يفرضه إنسانٌ على إنسان، وشعبٌ على شعبٍ آخر، يحوِّل الدينَ إلى إيديولوجيا بشريّة، ويجرِّد ’كلمةَ الله‘ من قداستها وشموليّتِها وحقيقتها.” وأكّدت الوثيقة أنّ “الحلَّ الذي سيؤدّي إلى السلام العادل والدائم، ألا وهو إنهاءُ الاحتلال الإسرائيليّ للأرض الفلسطينيّة، بالإضافة إلى إنهاء كلّ أنواع التمييز العنصريّ…” وتضيف أنّ المحبّة هي رؤيةُ “وجه الله” في كلّ إنسان؛ فـ “كلُّ إنسانٍ أخي وأختي.” غير أنّها تستدرك قائلة: “لكنّ رؤيةَ ’وجه الله‘ في كلّ إنسان لا تعني قبولَ الشرّ، أو الاعتداءِ من قبَله، بل تقوم المحبّةُ بإصلاح الشرّ ووقفِ الاعتداء. والظلمُ الواقعُ على الشعب الفلسطينيّ هو شرٌّ تجب مقاومتُه… تقع هذه المسؤوليّة أوّلًا على عاتق الفلسطينيين أنفسِهم، الواقعين تحت الاحتلال. فالمحبّة المسيحيّة تدعو إلى المقاومة، إلّا أنّ المحبّة تضع حدًّا للشرّ بسلوك طرق العدل. إنّنا نرى في المقاطعة وسحبِ الاستثمارات [من الكيان الصهيونيّ] وسائلَ لاعنفيّةً لتحقيق العدل والسلام والأمن للجميع.”[7] ثمّ التقى 300 من ممثّلي الكنائس المسيحيّة الفلسطينيّة في “وقفة حقّ،” مع حركة “وقفة حقّ العالميّة من أجل العدالة”، وممثّلين من المنظّمات الفلسطينيّة المدنيّة، في بيت لحم، في الذكرى التاسعة لتأسيس “وقفة حقّ[8].” وتبنّوا معًا موقفَ “التجمّع الوطنيّ للمنظّمات المسيحيّة في فلسطين” الصادر في رسالته المفتوحة، في 12 حزيران 2017، إلى مجلس الكنائس العالميّ، والذي حيّته حركةُ المقاطعة الفلسطينيّة (BDS)[9]. وأجمعت مطالبُ المجتمعين على الآتي: ١) اعتبار “إسرائيل” دولةَ فصلٍ عنصريّ من حيث القانون الدوليّ، والتصرّف معها وفقًا لذلك. ٢) اتخاذ موقفٍ لاهوتيّ واضح ضدّ أيّ جماعة مسيحيّة تبرِّر هذا الفصلَ العنصريّ. ٣) اتخاذ موقف ضدّ التطرّف الدينيّ، وضدّ أيّ محاولة لإنشاء دولةٍ دينيّةٍ في أرضنا أو منطقتنا. ٤) الدفاع عن حقّنا وواجبنا في مقاومة الاحتلال بشكل خلّاقٍ وغير عنيف. ٥) تأييد التدابير الاقتصاديّة التي تضغط على إسرائيل لتبنّي طريق العدالة والسلام ووقف الاحتلال. ٦) تكثيف المقاطعة والوقوف إلى جانب أولئك الذين يدافعون عن حقّ الفلسطينيين ردًّا على الهجمات الإسرائيليّة على حركة المقاطعة العالمية. ٧) إنشاء جماعات ضغط دفاعًا عن المسيحيين الفلسطينيين، والطعن علنًا وقانونيًّا بالمنظّمات المسيحيّة التي تشوّه سمعةَ “التجمّع الوطنيّ للمنظّمات المسيحيّة في فلسطين” وشرعيّته[10]. ملاقاة كايروس: أين جواب الكنائس الشرقيّة؟ رغم هذه المواقف المتقدّمة للكنائس والمنظّمات المسيحيّة في فلسطين، فإنّنا اليوم نلاحظ أنّ الكنائس في مصر وأنطاكية التي تمثّل جغرافيّا سوريا، العراق، لبنان والخليج، لم تبنِ جوابًا على دعوة أخواتها في فلسطين. إنّنا نعتقد أنّ من واجب الكنائس الأنطاكيّة وكنيسة مصر أن تصيغ جوابا لاهوتيّا يؤكّد على ضرورة تجسيد الإيمان بالمسيح كمخلّص للعالم من خلال مسؤوليّة المؤمنات والمؤمنين على إرساء بُنى العدل والمشاركة في هذا العالم، وهذا يعني بالنسبة لفلسطين التزام مقاومة نظام الاحتلال الاستعماريّ والتمييز العنصريّ القائم في فلسطين أقلّه من خلال المقاطعة الفاعلة. ولا يُعَدٌّ ذلك تدخّلا للكنيسة في مشروع سياسيّ حزبيّ ضيّق (وهو ما يجب تجنّبه)، وإنّما تذكير للمسيحيين والمسيحيّات (وهنا ربّما هنّ الأهمّ) بمسؤوليّتهم عن رفع الظلم والوقوف بوجهه في هذا العالم كي يساهموا في رفع الحواجز أمام محبّة الله كي تشمل البشر، فكلّ روحانيّةٍ لا تُشْعل هذا العالمَ بمزيدٍ من الإنسانيّة هي روحانيّةٌ كاذبة. برأينا، الكنائس في بلادنا مقصّرة جدّا بحقّ الكنائس في فلسطين لفشلها بصياغة جواب عمليّ وفاعل على صرخة أخواتها في «وقفة حقّ»[11]. نحو التحرّر إن المسيحيّين مدعوّون مع إخوتهم من جميع الأديان والمذاهب للعمل معًا من أجل بناء بُنى العدل والحرّية والاحترام لإنسانيّة الإنسان الواحدة، وإلّا لن يتسنّى أن يعيش «عيال الله» في سلام وكرامة إنسانيّة على هذه الأرض، وعندها لا تكون المسؤوليّة فقط على الأشرار وإنّما أيضا على كلّ إنسان وقف على الحياد متخاذلا ولم يساهم في رفع الظلم عن المظلومين. على المسيحيّين أن يتذكّروا جيّدا أنّ يسوع حذّر أنّنا سنُسأل في اليوم الأخير ليس فقط عمّا فعلناه، بل أيضاً عمّا لم نفعله (متّى 25: 31- 46)، أي أنّ دخول الملكوت مرتبط بمساهمة الإنسان الفعّالة في رفع الظلم عن المهمّشين، أمّا موقف التخاذل الذي لا يأبه بحياة البشر ولا يساهم في الدفاع عن الحياة فهو موقف خطير يقسّي قلب الإنسان ويعيق مشاركته لله ومحبّيه احتفالَ الفرح والحياة. Comments are closed.
|
الكاتبخريستو المر الأرشيف
December 2023
Categories |