(إلى قيصر بندلي، ونيقولا الرطل. أخواي)
خريستو المرّ الاثنين ١٥ تشرين ثاني/نوفمبر 2020 الإِخوةُ وجوهٌ. والوجوهُ بحارٌ وقوارب. وجزرٌ كثيرةٌ لرغبةِ الأحلام. والوجه يدعوك إنْ دعا، لقطاف الشمسِ المختبئة في عنبِ الأيّام. ومن سكرةِ الشمس يحيا الإِخوةُ، يغمّسون خبز اللقاء على حافة الزمان. ويترافق الإِخوةُ في الرحلةِ، يترافقون يتخاصمون يتصالحون يبكون يضحكون ويترافقون؛ يترافقون لأنّهم يتحابّون، ويتحابّون فيترافقون إلى أن يترجّل ذلك الربّان. *** يعبر الإِخوةُ إلى الضفّة الأخرى. لا تراهم عيوننا. والقلب يَرى ما لا يُرى. وكيف لا يَرى القلب من صاروا في نسيجِ القلب؟ الإِخوةُ نفيُ الغربة، رؤيةٌ تُشبعُ القلبَ، ثمّ تجوّعه، كي يوجد في ذاته، أعمق. والإِخوةُ نورٌ كي نرى غيومًا بيضاء، تساقطت من وجه الله كي نرى. والإِخوةُ شِبهٌ غريبٌ، يحفظ سر الواحد الذي كثرةٌ. والإِخوةُ مدينةٌ واحدةٌ لا جغرافيّةٌ، تحمل رسالةً من عمقٍ عالٍ، أعلى من محيطٍ مجتمع في صلاة. فالإِخوةُ مكان اللامكان في المكان، واللاوقتُ مُطِلاًّ في الوقت كي لا نموت. والإِخوةُ كتابٌ لا يُقرأ إلاّ بصدام الموج للقوارب، بالوصول وبالرحيل، وبالدموع التي هي الفرح يفرّ بجناحيه كي يحفر فينا الحنان. والإِخوةُ يسمّوننا أسماءَ سرّيةً، بَحْرِيَّةً، بطعم الملح المائيِّ، أسماءَ زئبقيّة، كأسمائنا الإلهيّة. يسمّوننا دون كلام، ربّما بالهواء تحت أجنحة الحمام، أو ربّما بمغامرة إلهٍ تجنّب الحياة الأبديّة. الإِخوةُ نحن حين ننام فنستيقظ على أرض السلام. وقد يصوم الإِخوةُ طويلاً عن فاكهة العين، فيقتاتون من سرّ الرؤية، من فتات الضوء الذي تقاسموه في علّية. الإِخوةُ، لمن يراهم، سرٌّ يشبه نفسه. علاماتٌ فارقة تقول لغة مضيئة. أحرف أبجديّة في قصيدةٍ واحدةٍ كثيرة، ساكتةٍ صارخةٍ، راسخةٍ مسافرةٍ، شديدةٍ ضعيفةٍ، صلبةٍ رخوةٍ، حياةٍ جريحةٍ. الإِخوةُ وجه الله إن رأينا، وطعم عينيه إن لم نرَ. والإِخوةُ غرباء لا موضع لهم يسندون رأسهم على كتف الألوهة. والإِخوةُ قد يجادلون، وقد يسمع صوتهم في الساحات، وقد يصمتون، ولا يُسمع لهم صوت في ساحة، لكنّ قلبًا مرضوضًا لا يكسرون، وينفخون جمرَ القلبِ المتروكِ كي لا ينطفئ. فالأُخوّةُ غريبةٌ، لا يُعرف لها أرضٌ، ريحٌ تهبّ حيث شاءت الكثرة أن تصير واحدًا دون ابتلاع. الأُخوّةُ لغةٌ، وطنٌ للأوطان، مدينةٌ أليفةٌ في المدن الغريبة، ومدينةٌ غريبةٌ في المدن الأليفة. فالإِخوةُ أليفون غرباء، كلّ أرضٍ غريبةٍ وطنٌ لهم، وكل وطنٍ أرضٌ غريبة. والإِخوةُ لا أرضُ هُم، ولا هُم سماء، هُم عرسُ الأرضِ التي تعرّت من ترابها والسماءِ التي خلعت تعاليها. ويسافرُ الإِخوةُ معًا، متفرّقين، كي ينتشر الضوء على خدّ الندى. ويومًا، يومًا ما، يومًا بعيدًا بقرب الصباح، يعبرُ الإِخوةُ إلى الضفّة الأخرى. يومًا، يومًا ما، جميلاً ككتفٍ عارية، لا ترى الإِخوةَ عيونُنا. يومًا، يومًا ما، حزينًا كوداع، يرى القلبُ ما لا يُرى. وكيف لا يرى القلبُ مَن هم في نسيج القلب؟
0 Comments
Leave a Reply. |
الكاتبخريستو المر الأرشيف
November 2022
Categories |