خريستو المرّ
الثلاثاء ٢٤ آب / أغسطس ٢٠٢١ إلى الكنيسة التي نحن منها وفيها ولها، إلى كلّ مواطنينا الذين نحن منهم ولهم، لقد خنّاكم طويلا، نطلب منكم المغفرة، لقد خنّا سيّدنا طويلا نطلب منه المغفرة. ضلّلناكم وسكتنا. جعلنا من بقاء الكنيسة-الأبنية والكنيسة-المؤسّسات هدفنا، وأقنعنا أنفسنا بأنّ بهذا تبقى المسيحيّة عبر التاريخ، فوضعنا يدنا بيد الوحش وسكتنا عن الدماء التي كانت على يديه فصارت على أيدينا. وبقفّازاتِ الكلمات سترنا أيدينا. وقلنا لأنفسنا فعلنا خيرًا، وقلنا لكم خذوا منّا مؤسّسات لا يمكنكم الدخول إليها، ولكن لا تهتمّوا سنساعدكم بفتات أموال العصابات التي صادقناها لتمرّر لنا مشاريعنا ونمرّر لها مشاريعها. كلّ ذلك «خدمة لاسمه القدّوس»، هكذا قلنا وكان اسمٌ آخر يتبدّى بين الكلمات، اسم يعاند القداسة ويأكل الطريق إليها كي يتوه وجه الإنسان عن وجه الله. طلبنا المؤسسات والتاريخ فخسرنا الله في التاريخ، وكان ينبغي لنا أن نطلب وجه الله أولًا كي نزرع كلماته هوَ في التاريخ، لتصبح كلماته الريح التي تحكم القلوب وما يُنشئ الحبُّ من مؤسّسات. نسينا الحبّ، نعم نسينا، وقصّة المسيح معنا قصّة حبّ ولا شيء إلّا الحبّ. نسينا الحبّ وما طلب هو منّا شيئًا إلّا الحبّ. «أحبب وافعل ما تشاء» قال قدّيس يوما ونحن فعلنا ما نشاء ولم نحبّ، أو أحببنا كنزًا غير ذاك الذي خبّأه الله في وجهه، فتهنا. نعم تهنا ونحن اليوم نطلب منه ومنكم المغفرة. حججنا عبر طرقات كثيرة إلى وجهات كثيرة والطريق الواحد إلى وجوهكم لم نحجّ إليه، ونطلب منكم مغفرةً لأنّنا نسينا أنّ وجهه ساكنٌ في وجوهكم أنتم، وأنّ بَعدَهُ هوَ علينا أن نعتبر كلّ الوجوه وجهه، أكانت وجوهًا مؤمنةً أم ملحدةً أم لا أدريّةً. قُدرتنا على الفِعل والبناءِ والأمرِ والنهيِ خَدَعَتنا.. لا... نستميحكم عذرًا، إنّنا نخادع أنفسنا حتّى اللحظة ... نحن خدعنا أنفسَنا وظننا أنّ أموالنا وسلطتنا وتَقَرُّبُنا من الأغنياء والمتنفّذين هي القدرة، واستقامةُ الطريق، والنجاة؛ ونسينا الطريق والحقّ والحياة، أضعنا ذاك الذي هو الطريق والحقّ والحياة والذي منه تنبع طرقات الحبّ وإليه تتّجه، ومنه يتفجّر الحنان ماءَ حياةٍ في صحارى هذا العالم، ومنه ينبع الضوءُ في التراب فيتجلّى قنديلًا من جمالٍ قبل أن يشعّ كشمسٍ في الدهر الآتي. استقرّينا في المدينة الحاليّة ونسينا الآتية، فلم نلد الآتية في يوميّات الحاليّة، لأنّنا لم نولد من فوق. أطلنا العبادات الجميلة فدفنّا أنفسنا ودفنّاكم فيها ولم نتلُ على مسامعكم يومًا آية الشجاعة والمسؤوليّة: كلّ ما لم تفعلوه بأحد إخوتي هؤلاء الصغار فبي لم تفعلوه. ضلّلناكم بالانفعال من أجل ما نعتبره تهجّما على اسم يسوع، وعندما اعتقلوا يسوع، وأفقروا يسوع، وجوّعوا يسوع، وفقأوا عين يسوع، وكسروا عظام يسوع، وقتلوا يسوع، سكتنا. والأعظم أنّنا قلنا لكم أن تسكتوا. وهناك الأفظع ولا نتجرّأ حتّى أن تطلب منكم المغفرة عليه، عندما يُعتدى على إنسان في قلب كنيسة يسوع، عندما يُعتدى على يسوع في قلب كنيسته نتّهم من يرفع الصوت بأنّه يخرّب كنيسة يسوع! تضارب مجرمٌ أليس كذلك؟ مجرمون نحن، نعترف، القفّازات ما زالت على أيدنا تخفي الدماء، وطالما أخفينا صوت الضحايا بالتراتيل الرخيمة والأثواب المزركشة والمهرجانات والابتسامات اللطيفة، وأرضينا ضمائرنا بأنّنا نوزّع المساعدات عليكم ونحن نحمي مَنْ جَوَّعَكم، نوزّع المساعدات ونحن نثبّت أسباب جوعكم. نطالب من الدولة أشياء لنا. نطالب بإعفاءات ضريبيّة لمؤسّساتنا ونسكت عن الضرائب التي تسحقكم، نطالب بتسهيل معاملاتنا ونصمت لنَحْرِ حياتكم ومستقبلكم. وحين يتسنّى لنا، نصادر اسمكم لنطالب بمناصب لحاشيتنا ونقول أنّها حقوق الطائفة بأسرها، نقول أنّنا ضدّ الطائفيّة، ولكنّنا معها مرحليّا، ولم يقل يسوع يومًا: كونوا ضدّ الخطيئة، ولكن كونوا معها مرحليًّا. لسنوات كنّا نصمت حين ينبغي أن نشهد، ونتكلّم حتّى نغطّي عن جريمة صمتنا بورق كلمات صفراء. وحين نضطرّ، نُسمعكم كلمات تشبه الثورة على الظلم لتظنّوا أنّنا معكم بينما نحن أصدقاءٌ لهاضمي حقوقكم، وحماتُهم. اليوم نقول لكم المغفرة، ونقول أنّنا قرّرنا التالي: - بما أنّكم أنتم الكنيسة، فكلّ ممتلكات الكنيسة تعود إليكم، واليوم نقول سنوزّع كلّ الأراضي والأوقاف والممتلكات على الفقراء ونعود إلى ما كنّا عليه قبل وحش السلطة وأوهام الامبرطوريّة، سنعود كنيسةً ليسوع ليسود هو فينا، ولا يسود أحد منّا على آخر، بل تكون السيادة فينا للخدمة. نحن خدّامكم. ستكون الكنيسة في التاريخ بنا نحن البشر لا بالمؤسّسات. - الكنيسة ليست الدولة. لن نُبقي من مؤسّسات إلّا تلك التي يمكنها أن تخدم مجانًا كلّ إنسان محتاج. نشجّعكم أن تتنظّموا مع مواطنيكم لتطالبوا بحقوقكم من الدولة، عالمين أنّ كلّ ظلم هو ضدّ المسيح، وضدّ الإيمان، وينبغي أن تعملوا على رفعه متحلّين بالأخلاق الانجيليّة - لن نُبقي من أملاكٍ لنا، كمسؤولين معكم عن رسالة يسوع في هذا العالم، سوى على بيوت متواضعةٍ يمكننا أن نستقبل فيها كلّ إنسان، وما من إنسان لدينا أقلّ أو أعظم شأنا من آخر، ولكنّ علينا أن نعطي أولويّة، والأولويّة الإنجيليّة هي للفقراء والمظلومين لأنّهم وجه يسوع المميّز، فهم الذين وحّد نفسه بهم - صلاتنا أن تروا يسوع موجوعًا في المظلومين، وأن تحبّوا يسوع ما يكفي لتعملوا بلا هوادة مع مواطنيكم لرفع الظلم لن نطيل. نرجو من يسوع الذي في وجوهكم المغفرة. نهاية البيان الذي لم يُكتب. Comments are closed.
|
الكاتبخريستو المر الأرشيف
December 2023
Categories |