الثلاثاء 14 نيسان/ أبريل ٢٠٢٠ (كورونا - بداية الأسبوع الخامس من الحجز الطوعيّ)
نتلمّس الفصح، والموت رابضٌ حولنا، وان انتبهنا فهو رابضٌ فينا. حولنا أوجاع المرض، والفقر، وامتهان الكرامة. هي الأرض قد استلمناها كما هي ولن نسلّمها كما استملناها لأنّ المسيح جاء ونصب خيامه بيننا، مرّة وإلى الأبد، وقال اذهبوا واعجنوا هذا العالم بخميرة الحبّ؛ وزِّعوا خبز عيونكم جسدي، واسكبوا خمر جراحكم دمي حتّى تُحيونَ العالم الذي يحبّكم والذي لا يحبّكم، وهذا يجعلكم كلّكم معًا خليقة جديدة. ونحن هنا لا بدّ أن نتوجّع لأنّ الأرض أرضٌ، لكنّ الأوجاعَ تنكسر شوكتها بالحبّ. ومن كَسَرَ شوكة الموت يكسر شوكة الأوجاع في أولئك الذين تعلّموا فنّ الحبّ على يديِه وأيدي الذين أحبّوه فنقلوه، أولئك الذين يعرفونه وأولئك الذين يظنّون أنّهم لا يعرفونه. نهتمّ لأمور كثيرة ولأناسٍ كثيرين وهذا تعبير محبّة لا غشّ فيه. ولكنّ واحدًا عرف أنّ هناك شيئًا أبعدَ. واحدٌ اتّكأ على صدر المعلّم وعرف أنّ العشاء الوحيد هو عشاء الحبّ، وأنّ الحبَّ شبعُ جوعٍ لا يشبع، وأنّ الخبز اليوميّ هو ذاك الأبديّ، وأنّه وجه السيّد. وجهكَ هو العيدُ الذي يُذيقنا فرحَ جزيرةٍ جميلةٍ، بعيدةٍ خلف بشاعات العالم، قريبةٍ من استراحةِ الضوء فوق زهر الصباح. وجهك هو الفصحُ، ونحن نحضنُ الأرض ونضمّنا إلى جُرحِكَ وفمك، أيّها المصلوب القائمُ، لتُسلمَ روحك فينا، علّ الأوهام تقع عن القلوب فتخلع عنها الهروب فتفرح. كيف نعود إلى رحمتك الوسيعة لتلدَنا من جوفك من جديد؟ كيف إن لم نرَك في وجه المصلوبين ولم ننزل الجحيم معهم لنكون معك، ونقوم معك؟ لن يُشعلنا بالحياة إلاّ الحبّ، والحبّ قادرٌ على الخلقِ وعلى إحياء الموتى. وإن لم نحيَ من موتنا اليوم فقد لا نعرف أن نحيا عندما نذهب يومًا إلى عشائك الأخير الأخير، أي ذاك الذي هو أوّل. حتّى ذلك الحين، لنا في وجهك، وفي وجوه مَن يحبّونا ونحبّهم، أي في وجهك، لنا فصحٌ صغيرٌ يؤجّج الضياء فينا كل يوم، والفصح شاة صغيرة ثغاؤها جسرٌ ماسيّ فوق هاوية العدم. لا يحمل شمسك سوى العشق، ولا يعرفك إلاّ العاشقون، هؤلاء الذين إذا ضمّوا بعضهم بعضا غابت عنهم الحدود التي لا تغيب بين الحبيب والحبيب. ثمّ إذا تدحرجوا عن الوحدة أكلوا كسراتِ الخيبة ليتعلّموا الحبّ أعمقَ، ويتسلّقوا من الصورة إلى المثال، ويفتّشوا عن وجهك الذي لا يغيب والذي لا يدعنا نغيب. لقد قمتَ حتّى نصيرَ فيك، ونعرفَ أنّنا محبوبون إلى الأبد، فلا نخشى الموت. وحدهم العاشقون وجدوك، فتّشوا عنك أم لم يفتّشوا، هم جسدك المشرقُ في عتم العالم. سيعرفُك العاشقون يوما ويكون فصحهم الأكبر أتى. عرفناك خبزنا وخمرنا، يا فصحنا، ياعبورنا منّا إليك، يا عبورنا إلينا. يا فصحنا اليوميّ، يا مسيح الله، يا فقيرًا معلّقًا على كلّ صليب، يا قائما ومُقيمنا من كلّ موت، يا فصحنا الأحبّ. أيّها الحبيب. ها أمامك هي حياتنا الترابُ والضوء، فانفخِ الروحَ فيها حتّى لا يبقى فينا إلا النشيد. خريستو المرّ Comments are closed.
|
الكاتبخريستو المر الأرشيف
December 2023
Categories |