الثلاثاء ٣ آذار/مارس ٢٠٢٠
لا توبة إلاّ لأجل وجهك، ولا توبة إلاّ بهِ، ولا توبة إلاّ إليه. وكلّ وجهٍ شبيهُ وجهك، يعطيه ويخفيه كطفلٍ في مزود. أنت أنت! خبيء الوجوه وكلماتها. أنت ساكنٌ في وجهي، وتجذبني إلى أفقٍ بعيدٍ فيكَ، في آن. لكأنّ وجهكَ فيّ ينشد وجهكَ فيكَ، وأنا بحّارٌ مسافرٌ في هذا الزمان. ما التوبة إلاّ أن نعرفك، وأن نعرفَنا فيك كما نشتهينا، مضيئين بما صنعته أيدينا بالحرّية وبجرح الحبّ. نعجن هذا العالم بأنوارِك، وتجبُلنا أنوارُك ونحن غافلين عن الريحِ، تلك التي تهبّ خلف القلب وفي طين المكان. والتوبة قياس الخطوةِ بالأفق، وتعديلُ الخطوةِ لخطوتِها. والتوبة انتباهٌ إلى شامةٍ شاردةٍ حول شفةِ الرغبة، تدلّ الضائعين على شراعِ قُبلة. والتوبة هي أنا حين أعود منّي أنا الغريبُ إليّ. والتوبة قفزة من ضفّة الغُربةِ إلى النهر المنفجر في رمل الصدى. والتوبة فرحةُ القلب بأجنحته والتوبة فرحة امرأة كتبت للعالم ضوءًا في زجاجةِ القلبِ، ورمت الزجاجة في موج الليل كي لا يموت ضائعٌ. والتوبة فرحة رجل كلّمته وردةٌ في المساء فركض عاريا صارخًا وجَدَتْني. والتوبة نداء الريح لأشرِعة المرافئ، وفرحة المراكب بموج الجُزُر البعيدة والتوبة عنقودُ صمتٍ عصره السهر، وكلمة ساهرة في قلب الأغاني *** أتوب إليك فأضِئْ هذه الرحلة بالسهر وبالريح وشدّ حرّيتي بقوسِ حبّك لأعرف البلادِ المعلّقة في غيوم العيون جوعي ختمُ قصيدتك الهاربة عطشي نبعُك الراكض في البراري لأُلاعِب السماء قبلتُ جوعي وعطشي فلستُ أريد لهذه الرِحلة أن تنتهي، ولا أنت تريد. وجهك، لا شيء إلاّ وجهك، وكلّ الوجوه وجهك الجريح وجهك الحبُّ، خذني إلى وجهك خريستو المرّ Comments are closed.
|
الكاتبخريستو المر الأرشيف
December 2023
Categories |