خريستو المرّ – الثلاثاء ٢٠ حزيران/يونيو ٢٠٢٣
الأزمة الاقتصاديّة الخانقة في لبنان سوريا لا يوازيها في التأثير سوى أزمة الحرّية في البلدين، تعليق دقيق واحد على وسائل التواصل الاجتماعيّ ينتقد العمل الحكومي يدخلك السجن في سوريا إلى ما شاء اللا قانون الذي يحكم البلاد، لكنّ اللبنانيّين القلقين على مصيرهم، كما أولئك الطائفيّين الذين يخشون طائفة أكثريّة اللاجئين السوريّين، يريدون لهم العودة إلى بلادهم لأنّ كلّ شيء هناك على ما يرام! الحرّية أوسع في لبنان إلى أن تمسّ بمصالح السياسيّين الملموسة عندها تسقط أقنعة الميليشيات والمافيات عن المتموّلين، من سياسيّين وأصحاب مصارف وتجّار، ويصبح القضاء وسيلة سياسيّة لحماية المصالح الكبرى دون أيّ اعتبار للمصلحة العامّة، لمصالح أكثريّة الناس، بل وحتّى لبقاء الدولة. الفروقات الاقتصاديّة هائلة، إن كنت من ذوي دخل مقبول وعِشت في فقاعتك – رفاقك، شارعك، الأماكن التي ترتادها- فكلّ شيء على ما يُرام، لكن إن ساقتك الأقدار إلى منطقة ثريّة ثمّ ساقتك نشاطاتك إلى سوق شعبيّ ومخيّم للاجئين، ترى الفروقات الوحشيّة بين الناس، وآثار الجشع الذي لا ينتهي لمسؤولي هذا البلد، وترى ما كنت تعلمه من أنّه بالنسبة لأكثريّة السكّان ما من شيء على ما يُرام. رغم ذلك، تلتقي في لبنان بمن يعمل على تأسيس مستقبل أفضل، تُعاين أملًا مولودًا من تعاون الناس على تأسيس مشروع يكسر الظلم هنا وهناك، تعلم أنّ الصراع ما يزال مستمرّا في هدوء من مقاومة صحفيّين وصحفّيات، من جهد عاملين في السياسة، من عمل دقيق لمحامين، من تعاون جمعيّات أهليّة مؤلّفة من أناس بسطاء، من إبداع أساتذة وطلاّب، من أعجوبة لاجئين يخلقون من المأساة ضوءا، من جدّية أناس لا يزالون يقومون بأعمالهم بكلّ صدق، من محبّة كبيرة وعطاء أكبر. يعزّيك ذلك مقابل ما تسمعه وتلمسه من تدهور تعامل الناس مع بعضها البعض حيث تدفع الضائقة الناس «للسطو» على بعضهم البعض (غشّ في نوعيّة العمل، غشّ في نوعيّة الطعام، غشّ في الأسعار). دور النشر المستمرّة تعزّيك أيضا. تشعر أنّ الإبداع الثقافيّ الذي يعجّ بين دفّتي كتاب احتجاجًا أمام التفاهة العميمة، وتعبيرًا عن إيمان الإنسان بأنّ الاحتفال بالحياة ضرورةٌ متعدّدة الأوجه. سيبقى الحبّ والفنّ في كلّ بلد مقاومةَ روحِ الشعب لقذارة السلطات السياسيّة والاقتصاديّة والماليّة. كلّ تعبير لكلّ إنسان عن حبٍّ، أو جمال، أو فرح، أو تعاطف، أو فكرٍ، هو فِعلُ مقاومةٍ للكمّ الهائل من الهراء والظلم اللذان يسودان هذه البلاد. تتغيّر الظروف، تتوالى السنون، وتبقى الوجوه الجميلة التي تحبّها وتحبّك كلّ شيء. قد يكون الله قد ترك لنا الوجوه المُحِبّة واحات بيننا وطُرقًا إليه. Comments are closed.
|
الكاتبخريستو المر الأرشيف
December 2023
Categories |