المقالة الأصليّة
دعاية مذبحة[*]
الدعاية الإسرائليّة أثناء مذبحة غزّة
مجلّة الآداب، عدد 4-5-6، 2009
"تعرفون الحقّ والحقّ يحرّركم" (يوحنّا 8: 32)
مقدّمة
بدءًا لا بدّ من لفت نظر القارئ إلى أنّني أفضّل استعمال تعبير "دولة الفصل العنصريّ الصهيونيّة" (Apartheid) للدلالة على ما يُدعى بدولة إسرائيل لأنّه يُعّبِّر بشكلٍ واضحٍ عن واقع ذلك النظام. وبالرغم من استهلاك كلمة "صهيونيّ" على يد إعلامييّ الأنظمة العربيّة حتّى صارت تثير النفورَ بسبب ارتباطها بنفاق تلك الأنظمة، إلاّ أنّنا نستخدمها عمدًا لأنّها أيضًا تُعبّر بوضوح عن الخلفيّة العنصريّة والاستعماريّة للمشروع الذي قام على أرض فلسطين. إلاّ أنّنا، تسهيلاً للقراءة، سنعتمد أحيانًا كلمة "إسرائيل."
إنّ أثر الدعاية الإعلاميّة قد يصل إلى ذهن كلّ إنسان، مهما كان قريبًا جغرافيًّا من فلسطين؛ ذلك أنّ جهلاً بتفاصيل الحقائق يجعله عرضة لتصديق الكذب المنقول في الإعلام لكونه مَصوغًا بطريقة منطقيّة مقْنعة. ومع ذلك، فإنّه يمكن كشفُ الكذب بإيضاح الوقائع. فمثلاً، يمْكن لصهيونيٍّ أن يُعلَن أنّ "إسرائيل انسحبتْ من غزّة" ليوحي بأنّ غزّة غيرُ مُحتَلّة؛ ويمكن أن يشير إلى أنّ صواريخ حماس "تُمطر على جنوب إسرائيل" ليوحي بأنّ إسرائيل تواجه خطرًا ماحقًا على حياة السكّان؛ وأنّ "من حقّ إسرائيل" من ثم "أن تدافع عن نفسها" وأن تهاجم غزّة ما دامت "حماس لا تعترف بإسرائيل ولا يمكن أن تتفاوض معها". لكنّ الواقع أنّ هذه الأقوال كاذبة. وهذا النوع من تحليل الكذب الإعلاميّ سيكون موضوع مقالتنا، معتمدين بشكلٍ أساس على مصادر الأمم المتّحدة ومنظّمات حقوق الإنسان وصحافيّين إسرائيليّين.
1. ادّعاء رقم 1: هذه الحرب مشروعة.
لكي تكون حربٌ ما مشروعة فيجب أن تكون الملاذَ الأخيرَ لبلدٍ أو مجموعة. وبناءً على هذا المبدإ، أوردتْ مجلّة الإيكونوميست ثلاثة شروطٍ ضروريّة لتكون حربٌ ما مشروعة: "على البلد أن يكون قد استنفد كلّ الإمكانيّات الأُخرى للدفاع عن نفسه، وأن يتناسبَ الهجوم مع الهدف، وأن يكون لدى ذلك البلد حظّ معقولٌ في الوصول إلى أهدافه. لكنّ إسرائيل، في كلٍّ من هذه الاختبارات، هي على أرض مهزوزة بأكثرَ ممّا تريد أن تعترف."[1] فإسرائيل لم تسعَ إلى تجديد الهدنة بل إلى تدميرها (أنظر رقم 4 لاحقًا)، واستعمالُها المفرط للقوّة العسكريّة وللحصار لا يتناسب مع رغبتها المُعلَنَة في "السلام" والحفاظ على حياة المدنيّين، ولم يكن ممكنًا أن تحقّق أهدافها (التي ظلّت على كلّ حال غير ثابتة). وعليه، فإنْ أخذنا بتحليل مجلّة الإيكونوميست وحده، فإنّ هذه الحرب في الواقع لم تكن مشروعة.
2. ادّعاء رقم 2: هذه الحرب ضروريّة ولا يمكن تجنّبها.
هذا ما قاله إيهود أولمرت بالنسبة إلى الهجوم البرّي مثلاً.[2] لكنّ الباحثة الإسرائيليّة في علم الاجتماع جوليا تشايتن تشير إلى أنّ هذه "الحرب" خاطئة ولاأخلاقيّة وتخلق المزيدَ من الحقد.[3] ويضيف فيليب ويلكوكس، القنصلُ السابق للولايات المتّحدة في القدس المحتلّة، أنّها "حرب" "غير ضروريّة ووحشيّة"[4] : فقد كانت غير ضرورية لأنّ حماس كانت تسعى إلى تجديد الهدنة فحسب؛ أمّا وحشيّتها فهو ما أثبتته منظّماتٌ حقوقيّةٌ ورسميّون في الأمم المتّحدة كما سنوضح لاحقًا.
3. ادّعاء رقم 3: غزّة لم تعد تحت الاحتلال؛ فلقد انسحبنا من غزّة، ولكنهم ما زالوا يقصفوننا بصواريخهم.
إنّ إسرائيل تريد السلام، والطرف الآخر هو الذي يريد الحرب.بيْد أنّ منظّمة هيومن رايتس ووتش أعلنتْ أنّها "تعتبر الوضعَ في غزّة ما يزال وضعَ احتلال بالرغم من انسحاب القوّات الاسرائيليّة والمستوطنبن عام 2005، وذلك لأنّ إسرائيل ما تزال تتحكّم بجوّ غزّة وبحرها وأرضها، كما تتحكّم بكهربائها ومياهها ومجاريرها وشبكات اتّصالها."[5] ويعلّق الناطق باسم الأنروا كريستوفر غانّز قائلاً: "في القانون الدوليّ، هناك مفهوم التحكّم الفعليّ [وهو]: إذا كنتَ تتحكّم بجوّ مكانٍ ما وبأرضه وبحره وحدوده، فأنتَ تحتلّه. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ هناك أرضًا محتلّة واحدة من وجهة نظر الأمم المتّحدة. ولهذا فما دام جنديّ إسرائيليّ واحد يحتلّ الضفّة الغربيّة، فغزّة أيضًا مُحتَلَّة."[6]
لا بدّ من الإشارة هنا إلى أنّ الانسحاب من غزّة لم يكن يهدف إلى السلام، بل إلى تجميد محاولات السلام. فعند سؤال مساعد شارون، دوف فيسغلاس، إنْ كان هدف الانسحاب من غزّة هو "تجميد العمليّة السياسة بشكل شرعيّ"، أجاب بوضوح "هذا بالضبط ما فعلناه،" وأردف أنّ "العمليّة السياسيّة رزمةٌ من المفاهيم والالتزامات... هي إقامة دولة فلسطينيّة مع كلّ الأخطار الأمنيّة التي تكمن فيها... هي إخلاء المستوطنات، هي عودة اللاجئين، هي تقسيم القدس. وكلّ هذا قد تجمّد الآن...المغزى [من الانسحاب] هو تجميد العمليّة السياسيّة. وعندما تجمّدها، تمنع قيامَ دولة فلسطينيّة، تمنع النقاش في موضوع اللاجئين والحدود والقدس."[7] إذًا هذين الادّعاءَيْن بأنّ إسرائيل ترغب في السلام، وأنّ غزّة ليست تحت الاحتلال، ساقطَان.
4. ادّعاء رقم 4: إنّ حماس هي التي تسبّبتْ بانهيار الهدنة التي كانت قائمة.
تقول منظّمة غوش شالوم (كتلة السلام) الإسرائيليّة "إنّ التدهور نحو الحرب كان من الممكن والواجب تجنّبُه. إنّ دولة إسرائيل هي التي خرقت الهدنة من خلال غارة «دقّ النفق» عشيّة انتخابات الولايات المتّحدة قبل شهرين. ومنذ ذلك الحين تابع الجيش[الإسرائيليّ] إذكاءَ نار التصعيد بغاراتٍ وعمليّاتِ قتلٍ محسوبة، وذلك كلّما تراجع إطلاقُ الصواريخ على إسرائيل."[8] وذكّر الصحافيّ روبيرت فيسك بأنّ "إسرائيل خرقت [الهدنة]، أوّلاً في 4/11 [2008] عندما قتل قصفُها ستّة فلسطينيّين، ثمّ في 17/11 عندما قتل قصفٌ آخرأربعة فلسطينيّين آخرين."[9] أمّا يوري أفنيري، العضوُ السابق في البرلمان الإسرائيليّ، فيقول "إنّ وقف إطلاق النار [الهدنة] لم ينهرْ لأنّه، بدايةً، لم يكن هناك وقفٌ حقيقيٌّ لإطلاق النار؛ فالشرط الأساس لأيّ إطلاق نار في قطاع غزّة يجب أن يكون فتحَ معابر الحدود، [إذ] لا يمكن أن تكون ثمة حياةٌ في غزّة من دون تدفّقٍ للبضائع...إنّ هؤلاء الذين قرّروا أن يُغلِقوا المعابر – أيًّا كانت الذريعة - كانوا يعْلمون أنْ لا وقف حقيقيًّا لإطلاق النار في ظلّ هذه الشروط."[10] وبالفعل فإنّ حكومة الاحتلال لم تكن تسمح إلاّ بدخول 20% فقط من البضائع اللازمة للحياة إلى غزّة خلال الهدنة ، كما يذكرجيمي كارتر، الذي يشرح كيف أنّه خلال محادثاته لتمديد الهدنة "اقترحَتِ الحكومة الإسرائيليّة بشكلٍ غير رسميّ أنها قد تسمح بدخول 15% من الإمدادات الطبيعيّة."[11] وهكذا فإنّ إسرائيل هي التي سعت بشكلٍ منهجيّ إلى إنهيار الهدنة وعدم تجديدها.
5. ادّعاء رقم 5: حماس تقوم بحفر الأنفاق لتهريب السلاح.
تكرّرهذا الادّعاء في الإعلام؛[12] لكن إذا كان ممكنًا حصولُ حماس على السلاح عبر الأنفاق، فإنّ هذه الأخيرة كان لا بدّ منها من أجل تأمين المواد الأوليّة الضروريّة للحياة بعد فرض الحصار الرهيب، إذ "سمحتْ لمليون ونصف مليون فلسطينيّ بالحصول على الطعام والوقود والمساعدات التي كانت تمرّ بإسرائيل" كما يقول الصحافيّ ديون نيسّينباوم.[13] إنّ ضرب الأنفاق هو في الحقيقة تشديدٌ للحصار الإجراميّ، الذي تتواطأ معه الحكوماتُ "الديموقراطيّة." ثمّ إنّه من حقّ أيّ شعب يتعرّض للاحتلال والحصار والاضطّهاد أن يسعى بكلّ السبل إلى التخلّص من الوضع اللاإنسانيّ المفروض عليه؛ وقد يلجأ إلى النضال العنفيّ، أو اللاعنفيّ بأسلحةٍ لا تقتل العدوّ ولكنها تهزمه (إعلام، مقاطعة، سحب استثمارات، عصيان مدنيّ...). إنّ مشكلة إسرائيل ليست في وجود السلاح بل في وجهته، وفي رؤية التحرّر الكامنة وراءه. ما من منطقِ حقٍّ إنسانيٍّ، وعدالةٍ، وراء مطالبة الشعب الفلسطينيّ بأن يبقى ساكنًا، وألاّ يفعل إلاّ ما يريده جلاّدوه. إنّ أبا النضال اللاعنفيّ غاندي قال، هو نفسُه: "حيثما لا يوجد خيارَ إلاّ بين الجبن والعنف، فإنه ينبغي حسمُ الأمر لصالح حلّ عنيف."[14]
6. ادّعاء رقم 6: حماس "تُمطر" صواريخها على إسرائيل.
\أوّلاً إنّ كلمة "تُمطر" تُستَعمل للإيحاء بأنّ تهديد "صواريخ" حماس هائل، وأنّ إسرائيل ومدنيّيها مهدّدون بالموت الوشيك.[15] غير أنّ الواقع هو أنّ تأثير هذه الصواريخ لا يُقارَن بتأثير الهجوم الجوّي والبحريّ والبرّي لجيش إسرائيل النظاميّ على سكّان غزة. فإنْ تسبّبتْ في السنوات السبع الأخيرة بمقتل سبعة عشر إسرائيليًّا فقط،[16] و"أرهبتْ"، كما ذكر لاري درفنر من الجيروزاليم بوست، "25,000 إنسان في سديروت وضواحيها... فإنّ إسرائيل، في المقابل، أرهبتْ 1.5 مليون غزّاويّ، وسجنتهم داخل حدودهم الضيّقة بشكلٍ رهيب، وخنقت اقتصادهم، وقتلتْ وجرحت الآلاف منهم."[17]
ثمّ إنّ الترسانة الإسرائيليّة لا تُقارَن بقدرة حماس العسكريّة؛ فإسرائيل هي القوّة العسكريّة الكبرى في المنطقة، ومن الأكبر في العالم، وتمتلك أسلحة نوويّة. أضف إلى ذلك أنّ حماس كانت تسعى إلى تجديد الهدنة، بينما إسرائيل هي التي كسرت الهدنة. وفي هذا الصدد يوضح جيمي كارتر أنّ قياديّي حماس "وافقوا أن ينظروا في وقف إطلاق نار في غزّة فقط [أيْ من دون الضفّة] شرط ألاّ تهاجم إسرائيلُ غزّة وأن تسمح بدخول المساعدات الإنسانيّة بشكل طبيعيّ لتوزيعها على الفلسطينيّين"؛ بل أنّهم "وافقوا أيضًا على القبول بأيّ معاهدة سلام...شرط أن تحظى بموافقة الأكثريّة من الفلسطينيّين في استفتاء."[18]
7. إدعاء رقم 7: إنّ الدفاع عن سكّان إسرائيل هو واجب إسرائيل الأخلاقيّ.
7.1 السكّان في خطر."نصف مليون إسرائيليّ هم تحت النيران": هكذا عَنْوَنَتْ يديعوت أحرونوت أحدَ أعدادها،[19] وصرّح الناطق باسم الحكومة الاسرائيليّة بأنّ "على إسرائيل أن تدافع عن نفسها ضدّ الصواريخ التي تُرهِبُ مدننا الجنوبيّة".[20] وبناءً عليه، فإنّ الهجوم على غزّة هو واجب إسرائيل "الأخلاقيّ" تجاه سكّانها. إلاّ أنّ هذا الادّعاء ساقط: فقد رأينا كيف خرقتْ إسرائيل الهدنة وسعت بشكل منهجيّ إلى سقوطها؛ كما أنّ الحكومة الإسرائيليّة كانت قد خطّطت لهذا الهجوم على غزّة قبل ستّة أشهر من حدوثه، أيْ في وقت سريان الهدنة، ولم يكن ثمة إطلاقٌ للصواريخ، على ما ما تشير هاآرتز.[21] ولِمَنْ يظنّ أنّ إسرائيل كانت تستعدّ عسكريًّا للهجوم على غزّة في حال خرْقِ حماس للهدنة، فإنّ تصريحًا لمسؤول أمن أوروبّي عام 2004 يشكّل أفضل ردّ، إذ يقول: "لقد توقّعوا[الإسرائيليّون] الفشل [وقف إطلاق النار]، وبالفعل ضمنوه... كانت هناك استفزازاتٌ [إسرائيليّة] متواصلة، وانعدامُ خطوات لبناء الثقة، وتصاريحُ [إسرائيليّة] لا تساعد. إنّ وزير الدفاع الإسرائيليّ يُعلن علانيةً أنّ حماس تعيد تجميع قواها، وأنّ على قوّات الدفاع الإسرائيليّة أن تعدّ ذاتها لهجوم ضخم. عندها تبدأ حماس تستعدّ لاحتمال كهذا. بالنسبة إلى إسرائيل يشكّل ذلك دليلاً على أطروحتها الأساسيّة... إسرائيل تهاجم، حماس تردّ، قوّات الدفاع الإسرائيليّة تشعر بانّها مُبَرَّرة، والهدنة تصبح في خبر كان."[22] وأهمّ من ذلك كله هو أنّ "الدفاع" عن السكّان، أو أيَّ قانون آخر، لا يُبَرِّران الاستعمالَ غيرَ المتكافئ للقوّة العسكريّة واستهداف المدنيّين.
7.2 هجوم إسرائيل البرّي ردّ على هجوم حماس.هذا الادّعاء أيضًا تردّد صداه في وسائل الإعلام.[23] أمّا رئاسة الاتّحاد الأوروبّيّ فزعمتْ أنّ العمليّة البرّية "دفاعيّة لاهجوميّة."[24] لكنّنا بيَّنّا أنّ إسرائيل هي التي سعت إلى خرق الهدنة؛ زد على ذلك أنّه لا يحقّ لأيّة دولة أو مجموعة أن تخرق القوانين الدوليّة وأن ترتكب الجرائم. يحلّل ريتشارد فالك، المقرّرُ الخاص للأمم المتّحدة لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلّة، الوضعَ على الشكل التالي: "إنّ الهجمات الصاروخيّة ضدّ المدنيّين في إسرائيل غير قانونيّة. ولكنّ عدم قانونيّتها لا تُعطي إسرائيلَ أيّ حقّ، لا كقوّة احتلال ولا كدولة ذات سيادة، في أن تخرق القانونَ الإنسانيّ الدوليّ وأن ترتكب جرائمَ حرب أو جرائمَ ضدّ الإنسانيّة، ردًّا على هذه الهجمات."[25] ويجب أن نتذكّر أيضًا أنّ إسرائيل هي البادئة بالهجوم بواسطة الحصار القاتل الذي فرضته، ذاك الحصار الذي وصفه يوري أفنيري بأنّه استمرارٌ لإطلاق النار، وشرح مفاعيلَه ريتشارد فالك قائلاً: "إنّ تصرّفاتٍ إسرائيليّةً سابقةٌ [للهجوم]، وخاصّةً الإغلاق الكامل لً [معابر] الدخول والخروج من قطاع غزّة، أدّت إلى نقصٍ حادٍّ في الأدوية والوقود (والطعام)، الأمرُ الذي أدّى إلى عدم تمكّن المستشفيات من تقديم أدوية أو معدّات مناسبة للجرحى."[26] ثمّ إنّ مقارنة إطلاق الصواريخ بالهجوم الإسرائيليّ على غزّة يتجاهل "الطبيعة غير المتكافئة للردّ الإسرائيليّ، الذي قتل خلال يومَين مئاتِ الفلسطينيّين، ومنهم العديدُ من المدنيّين، بينما لم يُقتَل سوى 17 إسرائيليًّا بصواريخ الفلسطينيّين خلال السنوات السبع الأخيرة،" كما يقول الصحافيّ بول ستريت.[27] من هذا المنظار الواقعيّ يمكن للإنسان أن يرى أنّ تصرّف حماس هو ردّ فعل على الهجوم الإسرائيليّ المتواصل منذ التطهير العرقيّ[28] الذي قامت به المجموعاتُ الصهيونيّة عام 1948، وحتّى حصار غزّة القاتل.
8. ادّعاء رقم 8: ماذا كنتم ستفعلون لو أطلق أحدُهم صواريخَه على بيوتكم؟
إنّه المنطق نفسه الذي اتّبعه، صيفَ 2006، مندوبُ إسرائيل في الأمم المتّحدة آنذاك، دان غيللرمان، حين صرّح بالتالي: "أنتم محقّون في أنّنا نفْرط في القوّة... [لكنْ] إنْ كانت مُدُنُكم تُطلق عليها الصواريخُ كما تطلَق على مُدُنِنا، فستستخدمون قوّة أكبرَ من أيّة قوّة نستخدمها."[29] وقد حاول البعضُ خلال الهجوم على غزّة استمالة المجتمع الأميركيّ متسائلين عمّا كان سيفعله المواطنون الأميركيّون لو أنّ الصواريخ كانت تنهمر على بيوتهم من كندا والمكسيك؟ إلاّ أنّ هذا الكلام يتجاهل واقعَ الاحتلال: فليس الموضوع أنّ هناك دولة فلسطينيّة تعتدي على دولة أُخرى، بل فلسطينيّون يعيشون منذ عام 1948 تحت القمع والتعسّف والخطف والقتل والتهديد وإرهاب الدولة الإسرائيليّ. فكما يجيب المعلّقُ دينيس راهكونين "إنْ كانت هاتان الدولتان [كندا والمكسيك] خاضعتين للاحتلال أو الحصار، بشكلٍ غير قانونيّ، من قِبَل الولايات المتّحدة، [وخاضعَتين] لً 60 عامَا من القمع والإخضاع الشرسَيْن؛ وإنْ مَنعتْ، أو أَلْغَت، الولاياتُ المتّحدة بالقوّة كلّ محاولات التغيير السلميّ، فعندها تكون أعمالُ هجومٍ كتلك محاولاتٍ مفهومةً، بل مُبَرَّرَةً أيضًا، لاستعادة حرّية مؤجَّلة بشكل لا يُطاق."[30] ثمّ إنّ هذا التساؤل يتغاضى عن أنّ إسرائيل، لا حماس، هي التي كسرتْ ستّة أشهر من الهدنة كما بيّنّا؛ وأنّ الفلسطينيّين يعيشون بشكل مستمرّ تحت واقع القصف والقتل الإسرائيليَّيْن.
9. ادّعاء رقم 9: هذه حربٌ بين الديموقراطيّة والإرهاب.
9.1 حماس هي منظّمة إرهابيّة.وهذا مخالف للواقع، وهو أنّ حماس، كما كتب الصحافيُّ الإسرائيليّ توم سيغيف، "حركة وطنيّة دينيّة، ومعظم سكّان غزّة يؤمنون بخطّها."[31]
9.2 إسرائيل لن تتحاور مع منظّمة إرهابيّة، كما أنّ حماس لن تتحاور مطلقًا مع إسرائيل.فلقد صرّح مثلاً ميغن بورن، مستشارُ إحدى المنظّمات الداعمة لإسرائيل، بأنّ "حماس لن تتفاوض أبدًا مع إسرائيل."[32] ولكنّ الناطق باسم الأنروا، كريستوفر غانّز، يؤكّد أنه "كانت هناك محادثاتٌ في القاهرة قادت إلى وقف إطلاق نار بدأ في 19 حزيران هذا العام [2008]."[33] إذًا، هذا الادّعاء الكاذب هو مجرّد تبرير للهجوم على الفلسطينيّين، بل ذهبتْ حماس إلى أبعد من مجرّد التفاوض على هدنة، وذلك بإعلانها القبولَ بحلّ الدولتين.[34]
9.3 إسرائيل هي الديموقراطيّة الوحيد في الشرق الأوسط.يحتاج هذا الادّعاء المتواصل إلى أن ننقضه بالإشارة إلى بضعة تصرّفات تدلّ على طبيعة النظام الإسرائيليّ.
إنّ تصرّف الحكومة الصهيونيّة أثناء العدوان الإسرائيليّ على غزّة كان واضحًا من حيث قمعه للحرّيات الصحافيّة، إذ منعَتْ حكومة الاحتلال الصحافيّينَ من دخول غزّة،[35] وكما تعلّق منظّمة هيومان رايتس واتش فقد "كان هناك منع كامل للصحافيّين الأجانب [من الدخول]...إنّ المحكمة العليا الإسرائيليّة قد حكمت في 31 كانون الأوّل 2008 بأنّ الحكومة الإسرائيليّة يجب ان تسمح لً12 صحفيًّا أجنبيًّا بالدخول إلى غزّة. أمّا الحكومة الإسرائيليّة فقالت بأنّها ستسمح لًثمانية صحافيّين بالدخول إلى غزّة كلّما فَتَحت الحدود على معبر إريتز، ولكن حتّى الآن [5 كانون الثاني] بقي المعبر مُغلقًا".[36]
والنظام القضائيّ في إسرائيل يسمح باعتقال حوالي 11,000 فلسطينيّ،[37] ومنهم مَن اعتُقل من دون مجرّد توجيه تُهَم إليه،[38] وبعضُهم نوّابٌ انتخبهم الشعبُ الفلسطينيّ ديموقراطيًّا. أمّا قياديّو الشعب الفلسطينيّ الطليقون فيُغتالون مع عائلاتهم وجيرانهم، باعتراف المسؤولين الإسرائيليّين العلنيّ، ودون رادع. إنّ هذا الوضع الذي يعيشه الفلسطينيّون هو من السوء بحيث إنّ إيهود باراك اعترف يومًا لأحد الصحافيّين بأنّه لو وُلِدَ فلسطينيًّا لكان التحق بمنظّمة "إرهابيّة."[39]
وأمّا على المستوى الوزاري فإنّنا نرى وزيرًا، هو ميئير شيتريت، يقترح في اجتماع وزاريّ: "فلنخْتَرْ حيًّا في غزّة ولنسوّهِ بالأرض."[40] ويضيف بعنصريّةٍ جليّة: "نحن لا نتكلّم مع الغزّاويّين باللغة التي يفهمونها؛ يجب أن نتكلّم معهم بالغزّاويّ لا بالعبريّ."[41]
والأفدح من تعليقات هذا الوزير تعليقاتُ معظم الصحافة الإسرائيليّة. فَها إنّ يديعوت أحرونوت، كما يعلّق سوماس ميلني في صحيفة الغارديانالبريطانيّة، "تتفاخر «بأنّ عنصر المفاجأة قد زاد من عدد الناس الذين قُتِلوا.» واليوميّة معاريف توافقها الرأيَ: «تركناهم في صدمة ورعب.»"[42]وفي عدد يديعوت أحرونوت نفسه تقول الصحيفة "إنّ القرار بالهجوم يوم السبت كان ضربة من الذكاء: فليس من المفترض بإسرائيل ان تبدأ حربًا يوم السبت."[43] أمّا ناحوم بارنيا، أحدُ الصحافيين الإسرائيليّين المعروفين، فيعلّق بأنّ "التأخير أفضلُ من عدم الفعل... لقد كانت [الحرب] ضروريّة ليس فقط بسبب الوضع غير المحتمل في القرى المحيطة بغزّة، ولكنْ أساسًا بسبب الضرر المتواصل لقدرة إسرائيل على الردع،"[44] مُعْلِنًا هكذا بوضوح ً تفضيله للحرب لتلقين الفلسطينيّين والعرب "درسًا" يردعهم في المستقبل.
هذا بالإضافة إلى أنّ "الحرب" نفسها على غزّة ليست سوى جريمة.[45] وفي هذا الصدد صرّح ريتشارد فالك بأنّ "الغارات الجوّية الإسرائيليّة على قطاع غزّة تمثّل خروقًا فادحة للقانون الدولي الإنسانيّ...هذه الخروق تتضمّن: (1) العقاب الجماعيّ [إذ] إنّ كامل الً1.5 مليون إنسان الذين يعيشون في قطاع غزّة المكتظّ يتعرّضون للعقاب من أجل تصرّفات بضعة مقاتلين. (2) استهداف المدنيّين [إذ] إنّ الغارات الجوّية كان تستهدف مناطق مدنيّة في واحدة من أكثر قطع الأرض اكتظاظًا في العالم...(3) ردّ عسكري غير متكافئ."[46] وحتّى في تمّوز 2007، أيْ قبل أكثر من عام على الهجوم على غزّة، كانت منظّمة أوكسفام التي تُعنى بالتغذية قد شرحت المعاناة التي يسبّبها الحصارُ الإسرائيليّ (انقطاع للمياه، الأمراض...)؛[47] وقال ريتشارد فالك في 9 كانون الأوّل، قبل الهجوم الإسرائيليّ على غزّة: "يبدو أنّه من الإلزاميّ لمحكمة الجنايات الدوليّة أن تحقّق في الوضع، وأن تحدّد ما إذا كان يجب على القيادات الإسرائيليّة المدنيّة والعسكريّة المسؤولة عن حصار غزّة أن تُتَّهَم وأن تُلاحَق قضائيًّا لخرقها القانون الجنائيّ الدوليّ... هذه أزمة إنسانيّة يفرضها مسؤولون سياسيّون عن عمد."[48]
إنّ الوقائع التي ذكرناها توضح نوعيّة الديموقراطيّة الإسرائيليّة: إنّها ديموقراطيّة سمحتْ في 9 /1/2009 للمتحدّث باسم جيش الاحتلال الاسرائيليّ بأن يعلن أنّ "اتّجاه القيادة [هو] أن نقتل أكبر عدد ممكن." ويعلّق الصحافيّ الإسرائيليّ جيديون ليفي قائلاً:"حتى لو كان [المتحدّث] يشير إلى مقاتلي حماس، فإنّ هذا الاتّجاه ما يزال يثير القشعريرة"؛[49] ذلك أنّه اتّجاهٌ يشير إلى الذهنيّة العنصريّة القابعة خلف واجهة "الديموقراطيّة." وهذه العنصريّة هي التي يشير إليها الصحافيّ الإسرائيليّ توم سيغيف عندما ينتقد حكومته بقسوة قائلاً أنّ إسرائيل تضرب الفلسطينيّين «لكي تعلّمهم درسًا.» ويضيف: "إنه الافتراض الذي رافق المشروعَ الصهيونيّ منذ نشوئه: نحن ممثّلو التقدّم والتنوير، بينما العرب تجمّعُ رعاعٍ بدائيّ، وأولادُ جهلة يجب تربيتهم وتعليمهم الحكمة - على طريقة الجزرة والعصا"[50] أمّا فالك فيتّهم في حزيران 2007 إسرائيل بالنازيّة إذ يقول: "هل هو تصريح غير مسؤول ومبالغ فيه أن يقارِنَ المرءُ بين معاملة الفلسطينيّين [من قِبَلِ إسرائيل] وبين التاريخ الإجراميّ للوحشيّة الجماعيّة للنازيّة؟ لا أعتقد ذلك. إنّ التطوّرات الأخيرة في غزّة مُقلقة بشكل خاصّ لأنّها تعبّر بشكل جليّ عن نيّة مقصودة من قبل إسرائيل وحلفائها لإخضاع جماعةٍ بشريّةٍ كاملةٍ للظروف المهدّدة للحياة... إنّ الاقتراح القائل بأنّ هذا النمط من السلوك يُعتَبَرُ محرقةً قيد التنفيذ هو دعوةٌ يائسةٌ إلى حكومات العالم والرأي العام العالميّ للتصرّف بسرعة من أجل منع هذه التوجّهات الحاليّة نحو الإبادة الجماعيّة من أن تُتَوَّج بمأساة."[51] وتتّخذ تصريحاتُ الكاردينال ريناتو مارتينو، وزير العدل والسلام في الفاتيكان، الوجهة نفسَها حين يصرّح بأنّ "الناس غير القادرين على الدفاع عن أنفسهم هم الذين يدفعون الثمن دائمًا. أنظرْ إلى الأوضاع في غزّة: إنّها تشبه أكثر فأكثر مخيّمَ اعتقالٍ جماعيّ".[52] أمّا فالك فيتابع في كانون الأوّل 2008 نقده الشديد للنظام الإسرائيليّ، ويُلاحظ كيف أنّ الإدانات المتصاعدة لإسرائيل من قبل "رسميّين في الأمم المتّحدة، عادةً ما يكونون حذرين، لم نشهدْ لها مثيلاً منذ نظام الفصل العنصريّ في جنوب أفريقيا".[53]
10. ادّعاء رقم 10: أيًّا يكن الأمر، فإنّ إسرائيل تحارب بأخلاقيّة وإنسانيّة.
ادّعى باراك أنّ الجيش الإسرائيليّ يحارب بمعايير أخلاقيّة قصوى.[54] أمّا أولمرت فأعلن أنّ الجيش الإسرائيليّ هو "أكثرُ الجيوش أخلاقيّة في العالم":[55] فهو يحذّر الفلسطينيّين قبل قصف بيوتهم، ولا يستهدف المدنيّين عن قصد بل يتجنّبنهم قدْر الإمكان؛ وكلّ المشكلة هي أنّ حماس تتّخذ المدنيّين دروعًا بشريّة، وهو ما يتسبّب بوقوع إصابات بين المدنيّين. ولكن، فلنرَ الآن الواقع خلف هذا الخطاب الإعلاميّ.
10.1 إنّنا نرسل تحذيرات إلى الفلسطينيّين قبل القصف.تشير منظّمة هيومان رايتس واتش إلى أنّ القانون الإنسانيّ الدوليّ "يفرض على الأطراف المتحاربة إعطاء إنذار مسبّق فعّال بالهجمات التي يمكن أن تؤثّر في المدنيين، وذلك بقدْر ما تسمح الظروف. ويجب أن يأخذ تقديرُ هذا الأمر في الاعتبار توقيتَ الإنذار، وكذلك قدرةَ المدنيين على مغادرة المنطقة."[56] ولكنْ، بحسب ممثّل منظّمة أوكسفام في غزّة، "لا يوجد مكانٌ أمن، كما أنّ الغزّاويّين الذين حاولوا الفرارَ من القتال مُنعوا من مغادرة القطاع"؛[57] فالواقع الإجراميّ هو أنّ الهجوم على غزّة "هو الصراعُ الوحيدُ في العالم الذي يُمنع فيه السكّانُ من مجرّد الفرار،" على ما أشار أنطونيو غوترّيس، رئيسُ المفوّضيّة السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين.[58]
10.2 نحن لا نستهدف المدنيّين.هذا ادّعاء يكذّبه الصحافيون الإسرائيليّون أنفسُهم. يشير سوماس ميلني في الغارديان مثلاً إلى أنّ "كلّ التقارير تُظهِرُ مصابين من الأطفال والنساء. الأمم المتّحدة تقول إنّ 25% من المصابين هم من المدنيّين، وإسرائيل لا تهتمّ ولم تحاول أن تهتمّ.[59] وبالفعل فالأطبّاء المعالجون كانوا يصرّحون بأنّ "الناس يموتون الآن بسبب نقص المخزون [الطبّي]" و"بين المئات [من المصابين] رأينا حتّى الآن مُقاتِلَيْن،" وكان الأطفال والنساء يشكّلون في 30/12/ 2008 حوالى 25% من القتلى و45% من الجرحى.[60] أمّا في 6/1/2009 فقد قصفتْ إسرائيل مدرسة الفاخورة التابعة للأمم المتّحدة في غزّة، قرب مخيّم اللاجئين في جباليا، والتي تأوي اللاجئين من القصف.[61] وعندما زعمتْ إسرائيل أنّ القصف استهدف عناصرَ عسكريّة لحماس في المدرسة أو قربها، ردّ مسؤولو الأونروا بأنّهم "واثقون بنسبة 99.9% بأنّه لم يكن يوجد أيّ مقاتل أو عمل عسكريّ في المدرسة."[62] وقبل 15 ساعة من قصف مدرسة الفاخورة قصفتْ قوّاتُ الاحتلال الإسرائيليّ مدرسة "أسماء" الابتدائيّة في مخيّم الشاطئ للاّجئين شمال مدينة غزّة وقتلتْ 3 من عائلة السلطان.[63] ومَنْ تراه ينسى استهدافات الجيش الإسرائيليّ للمدنيّين في لبنان، التي يذكّر بها الصحافيّ روبرت فيسك،[64] وهي استهدافاتٌ خلّفتْ 17,000 قتيل عام 1982 معظمُهم من النساء والأطفال، و1,700 قتيل في مخيّمي صبرا وشاتيلا تحت وقع أبصار ذلك الجيش وتسهيلاته العسكريّة ومسؤوليّته القانونيّة، و106 قتلى في مجزرة قانا عام 1996، وأكثر من 1200 قتيل في قصفه للبنان صيف 2006 حيث ارتكب ذلك الجيش مجزرة مَرْوَحين التي ذهب ضحيّتها أناسٌ "أُمِروا بأن يتركوا بيوتهم من قِبَل الإسرائيليّين، ثمّ ذُبِحوا بواسطة مروحيّة إسرائيليّة"؟
10.3 نحن نحاول تجنّب المدنيّين قدر الإمكان.هذا الكلام ينفيه الصحافيّ روفين بيداتزور من هاآرتز حين يكتب "أنّ قوّات الدفاع الإسرائيليّة، التي خطّطتْ لمهاجمة بنايات وأماكن مأهولة من قبل مئات الناس، لم تحذّر هؤلاء مُسبّقًا لكي يرحلوا، وإنّما تعمّدتْ أن تقتل عددًا كبيرًا منهم."[65] وقد ذكرتْ هاآرتز أيضًا أنّ رئيس الأركان الإسرائيليّ أشكينازي قال "إنّ استعمال قوّة نار كبيرة أمرٌ لا يمكن تجنّبُه حتّى في الأماكن الأكثر اكتظاظًا بالسكّان،"[66] وذلك بحجّة حماية الجنود. وهذا ما سبّب الفظائع، حتى إنّ "اللجنة العالميّة للصليب الأحمر اتّهمتْ إسرائيل بالإخفاق في مسؤوليّاتها الدوليّة بعدما واجه فريقها مشاهدَ صادمة. فقد عثر فريق طبّيّ على 12 جثّة في بيت مقصوف [في منطقة زيتون]، وبجانبها 4 أطفال صغار جدًّا، وضعفاءُ إلى درجة عجزهم عن الوقوف، منتظرين إلى جانب أمّهاتهم الموتى... وصرّح بيير ويتّاش رئيسُ هيئة الصليب الأحمر الدوليّ «هذا حادث فظيع. لا بدّ أنّ القوّات العسكريّة الإسرائيليّة كانت على علم بالوضع ولكنّها لم تُساعد الجرحى. كما أنّهم لم يتركوا لنا، أو للهلال الأحمر الفلسطينيّ، مجالاً لمساعدة الجرحى»".[67] وهذا النقد فريدٌ من نوعه لأنّ مؤسّسة الصليب الأحمر تتّخذ عادة موقفًا حياديًّا من أفرقاء النزاعات. وذكرتْ هيومان رايتس واتش أنّ "الهجوم على وسط مدينة غزّة حصلَ بعد أن حذّرتْ قوّات الدفاع الإسرائيليّة سكّان مدينة غزّة طالبةً إليهم التوجّه إلى وسط المدينة." [68] وأكّد المحلّل العسكري لدى هيومن رايتس واتش، مارك غارلاسكو، أنّ إسرائيل "حذرت المدنيين طالبةً منهم التوجه الى مراكز المدن، و[لكنها] قصفتْ في وقتٍ لاحق وسط مدينة غزّة بسلاحٍ يجب ألاّ يُستخدم أبدًا في المناطق المكتظّة بالسكان."[69]
10.4 ولكنّ حماس تتّخذ المدنيين دروعًا بشريّة.إنّ مقاتليّ حماس هم من سكّان غزّة، وهي من المناطق الأكثر اكتظاظًا على وجه الأرض كما سبق الذكر. ولهذا فَإنهم عمليًّا لا يملكون سوى القتال من داخل مدنهم. وإنْ حدث أنِ اتّخذ مقاتلو حماس المدنيّينَ دروعًا بشريّة بشكل متعمّد، فذلك أمرٌ يجب أن يُدان. لكنّ المؤكّد هو أنّ الجيش الإسرائيليّ قد اتّخذ المدنيّين الفلسطينيّين دروعًا بشريّة. فمنظّمة العفو الدوليّة ذكرتْ أنّ "جنودًا إسرائيليّين دخلوا منازلَ فلسطينيّين واتّخذوا فيها مواقع، مُجبِرين العائلات على أن يبقوا في أرض إحدى الغرف، بينما استعملوا بقيّة المنزل قاعدةً عسكريّةً وموقعَ قنص؛ وهذا يزيد من نسبة المخاطر على العائلات الفلسطينيّة المعنيّة، ويعني أنّهم فعليًّا يُستَعملون كدروع بشريّة... وفي الماضي، احتلّ الجنود الإسرائيليّون بيوتًا فلسطينيّة، ساجنين ساكنيها عمليًّا، كي يستعملوها مواقعَ رصدٍ عسكريّ وإطلاق نار. وفي حالات أُخرى، أجبروا مدنيّين فلسطينيّين، تحت تهديد السلاح، على أن يدخلوا قبلهم إلى مبانٍٍ كانوا يخشون أن يُهاجَموا من داخلها."[70]
10.5 إسرائيل ليست ضدّ الفلسطينيّين؛ الفلسطينيّون هم مثلنا ضحايا حماس.لكنّ الصحافي الإسرائيليّ توم سيغيف يوضح أنّ "إسرائيل طالما ظنّت أنّ تسبيب الألم للمدنيّين الفلسطينيّين سيدفعهم إلى أن يثوروا على قادتهم الوطنيّين،"[71] ومن ثم فإنّ استهدافهم نتيجةٌ لسياسة إسرائيليّة واعية ومقصودة. وهذا ما جعل هاآرتز تعنون أحدَ مقالاتها بالتالي: "إنّ ضرب غزّة لا يستهدف حماس، إنّه يستهدف كلّ الفلسطينيين."[72] والوقائع على الأرض واضحة: فالطبيب النرويجيّ إريك فوس، الذي يعمل في مستشفى الشفاء، صرّح بـ "أنّ مقاتليّ حماس لم يكونوا سوى أقلّية ضئيلة من المصابين الذين أُتي بهم"؛[73] يُضاف إلى ذلك أنّ القصف الذي بدأ به جيشُ الاحتلال هجومَه على غزّة كان المقصود منه أن يكون مُفاجِئًا من أجل إلحاق أكبر عدد ممكن من القتلى بين المدنيّين؛ فبالإضافة إلى أنّه بدأ يومَ سبت، فإنّ إسرائيل، على ما يوضح باراك دافيد من هآرتز، بأنّ "تابعتْ إرسال معلومات مُضَلِّلَة تُعلن فيها أنّها ستفتح المعابر إلى غزّة، وأنّ أولمرت سيقرّر إنْ كان سينفّذ الضربة بعد ثلاث محادثات يوم الأحد- أيْ بعد يوم واحد من إُصدار الأمرُ فعليًّا. وقال أحدُ الرسميّين في وزارة الدفاع إنّ «حماس سحبتْ موظّفيها من مراكزها بعد اجتماع مجلس الوزراء [الإسرائيليّ] الأربعاء، ولكنّ المنظّمة [حماس] أعادتهم عندما سمعوا أنّ كلّ شيء قد تأجّل إلى الأحد.»"[74]
أمّا مقرّر الأمم المتّحدة الخاصّ للغذاء فقد وجد أنّ "سوء التغذية الحادّ هو في مستوى الدول الأفقر جنوبَ الصحارى الجنوبيّة [في أفريقيا]؛ ذلك أنّ أكثر من نصف العائلات الفلسطينيّة لا تأكل أكثرَ من وجبة واحدة في اليوم،"[75] و"لا تزال إسرائيل تواصل محاصرتها لغزّة إلى أقصى حدّ، وتسمح بدخول الكمّياتِ التي تكفي من الطعام والوقود لً [مجرّد] منع المجاعة والأمراض الجماعيَّين."[76] وصرّح جون غينغ، رئيسُ بعثة الأمم المتّحدة للإغاثة في غزّة، بأنّ "لدينا كارثة في غزّة بالنسبة إلى المدنيّين. الناس في مدينة غزّة والشمال لا يحصلون على الماء الآن. هذا بالإضافة إلى أنّهم لا يحصلون على الكهرباء. إنهم في فخّ، إنّهم في صدمة، إنّهم مُرْهَبون. إنّ لاإنسانيّة هذا الوضع، وانعدامَ التحرّك من أجل إنهائه، يتركانهم مذهولين."[77]وكلّ ذلك يشير إلى أنّ إسرائيل كانت تستقصد أذى المدنيّين وقتل أكبر عدد منهم.
11. إدعاء رقم 11: لا توجد أزمة إنسانيّة في غزّة.
وهكذا أعلنتْ تسيبي ليفني من باريس أنْ "لا أزمة إنسانيّة في القطاع، وبالتالي لا ضرورة لهُدنة إنسانيّة."[78] ومثلها أكّد أمين عامّ مجلس وزراء الاحتلال أوفيد يهيذكيل الأمرَ عينه.[79] أمّا الكولونيل موشي ليفي فقال "إنّ حماس تحاول أن تخلق مظهر أزمة إنسانيّة، ولكن نحن والمنظّمات الإنسانيّة نمنع حدوث ذلك."[80]
غير أنّ الواقع على الأرض معاكس تمامًا. فقد ذكر كارتر أنّه لم يكن يدخل غزّة قبل الهجوم الأخير سوى 20% من حاجات السكّان. وصرّحتْ منظّمة أوكسفام للتغذية أثناء الهجوم بأنّ "250,000 إنسان لا تصلهم المياه في غزّة."[81] وأكّد كسويل غيلارد، المنسّقُ الإنسانيّ الأمميّ في الأراضي الفلسطينيّة، وجود "حالة طوارئ حرجة في قطاع غزّة. إنها، بمطلق أيّ تعريف، أزمة إنسانيّة، وأكثر."[82] ومع أنّ الضابط في جيش الاحتلال أفيتال كيبوفتز أعلن أنّ "برنامج الغذاء العالميّ توقّف عن إرسال الغذاء إلى هناك [غزّة] لأنّ مستودعاتهم مليئة حتّى القمّة"،[83] متّهمًا حماس بعدم السماح بتوزيع الغذاء، فإنّ كريستين فان نيوفينهويسي، ممثّلةَ برنامج الغذاء العالميّ في الأراضي الفلسطينيّة، ردّت بأنّ المستودعات مليئة إلى أقلّ من النصف.[84]
12. ادّعاء رقم 12: في النهاية كلّ حربٍ بشعةٌ، ولا بدّ أن يسقط ضحايا مدنيّون في أيّة حرب.
هذا كان لسان حال دان غيللرمان، المندوب الإسرائيليّ السابق في الأمم المتّحدة.[85] لكنْ أثناء "الحرب" نفسها لا بدّ أن يحترم أيّ فريق القوانين الدوليّة. والحال أنّ كلّ ما ذكرناه سابقًا يشير إلى أنّ الهجوم على غزّة لم يكن حربًا، وإنّما مذبحة، يقوم بها، عن سابق تخطيط، فريقٌ مدجّجٌ بكلّ أنواع الأسلحة، ضدّ أناس ما يزالون يحيون تحت وطأة احتلاله وحصاره. إنّ المذبحة الأخيرة لم تبدأ بالهجوم في كانون الأوّل 2008، وإنّما مع إعلان غزّة "كيانًا معاديًا" وبدء الحصار في أيلول 2007؛[86] أمّا المذبحة الأولى فكانت في أيّار 1948، عندما تأسّس نظام الفصل العنصريّ كمشروع استعماريّ على أرض فلسطين على جثث الفلسطينيّين وأنقاض قراهم.
خاتمة
كلّ هذه الادّعاءات تهدف إلى إعماء البصيرة والبصر عن واقع أنّ ما يحدث ليس حربًا أو دفاعًا بل هجوم ومذبحة منظّمة، وأنّ تفادي هذا الهجوم كان ممكنًا لو أرادت إسرائيلُ ذلك، وأنّ غزّة ما زالت تحت الاحتلال وتخضع لمذبحة يوميّة منذ الحصار، وأنّ جيش الاحتلال اتّخذ المدنيّين الفلسطييّين دروعًا بشريّة وتعمّد إيذاءهم، وأنّ غزّة معسكرُ اعتقال تُمارَس فيه جرائمُ جماعيّةٌ تشبه جرائمَ النازيّة في خلفيّتها العنصريّة، وأنّ النظام الصهيونيّ نظامُ فصلٍ عنصريّ يشبه نظامَ جنوب أفريقيا البائد.
إنّ الفظائع التي يرتكبها هذا النظام تنبع بالضبط من خلفيّته العنصريّة هذه. وهذا ما رآه العديد من الناشطين، والمفكّرين، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والرسميّين، ومنهم اسرائيليّون، عندما وصفوا النظام الإسرائيليّ بأنّه نظام فصل عنصريّ، ومنهم المدّعي العام الإسرائيليّ السابق ميكايل بن يائير،[87]وناشر صحيفة هاآرتز أموس شوكِن،[88] والصحافيّ الإسرائيليّ شاهار إيلان،[89] والمؤرّخ الإسرائيليّ إيلان بابي،[90] والمطران الجنوب أفريقيّ ديزموند توتو،[91] ورئيس الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة الأب ميغيل ديسكوتو بروكمان،[92] ووزير خارجيّة البرازيل فالتر بومار الذي صرّح بأنّه "يكون من المناسب أن تُطَبَّق على الحكومة الإسرائيلية المعاملة نفسُها التي كانت قد تلقّتها حكومةُ الفصل العنصريّ في جنوب افريقيا."[93]
إنّ نظام الفصل العنصريّ الإسرائيليّ يستدعي مشاركة الحركات الطلاّبيّة والنقابيّة والثقافيّة في العالم في مقاطعة إسرائيل وفرضِ عقوباتٍ عليها وسحب الاستثمارات منها.[94] ويتطلّب مقاومةً على الصعيد الإعلاميّ لفضح الأكاذيب وكشف الحقائق، ومنها كشفُ وجه العنصريّة خلف قناع الديموقراطيّة، وجه حقيقة نظام الفصل العنصريّ.
مجلّة الآداب، عدد 4-5-6، 2009
خريستو المرّ[†]
[*] هذا النصّ مبنيّ على محاضرة أُلقيَت بالإنكليزيّة في لقاء تثقيفيّ حول غزّة في مدينة تورونتو الكنديّة في 10/1/2009، وقد اشترك في تنظيمه تجمّع "أساتذة من أجل فلسطين" وهو عضو في "التحالف من أجل مناهضة الفصل العنصريّ الإسرائيليّ" (http://www.caiaweb.org/faculty/).
[†] أستاذ جامعيّ، وكاتب لبنانيّ. له كتاب بعنوان: وعود الإعلام وأوهام الحرّية: المسيح والتحرير" (بيروت: تعاونيّة النور الأرثوذكسيّة للنشر والتوزيع، 2009).
[1] The Economist, “Gaza: the rights and wrongs,” Dec 30, 2008
http://www.economist.com/printedition/displayStory.cfm?story_id=12853965&source=most_commented
[2] Barak Ravid, “Peres: No Gaza truce right now, Hamas needs a 'real lesson,” Haaretz, Jan 04, 2009
http://www.haaretz.com/hasen/spages/1052533.html
[3] Julia Chaitin, “Darkness in Qassam-Land," Washington Post, Wednesday, December 31, 2008; Page A15
http://www.washingtonpost.com/wp-dyn/content/article/2008/12/30/AR2008123002661.html
[4] BBC World News, Jan 02, 2009; 11:00 p.m. (Toronto)
[5] Human Rights Watch, “Q & A on Hostilities between Israel and Hamas,” December 31, 2008
http://www.hrw.org/en/news/2008/12/31/q-hostilities-between-israel-and-hamas
[6] Amy Goodman, “A Debate on Israel’s Invasion of Gaza: UNRWA’s Christopher Gunness v. Israel Project’s Meagan Buren,” Democracy Now, 2009-01-05
http://www.democracynow.org/2009/1/5/a_debate_on_israels_invasion_of
[7] Ari Shavit, “The big freeze,” Haaretz, Oct 10 2004
http://www.haaretz.com/hasen/pages/ShArt.jhtml?itemNo=485929
[8] Gosh Shalom, “The war in Gaza – vicious folly of a bankrupt government,” Dec 29, 2008
http://zope.gush-shalom.org/home/en/channels/press_releases/1230491211/
[9] Robert Fisk, “Why do they hate the West so much, we will ask,” The Independent, Jan 07, 2009
http://www.independent.co.uk/opinion/commentators/fisk/robert-fisk-why-do-they-hate-the-west-so-much-we-will-ask-1230046.html
[10] Uri Avnery, “Molten Lead,” Jan 03, 2009
http://zope.gush-shalom.org/home/en/channels/avnery/1230937462/
[11] Jimmy Carter, “An Unnecessary War,” The Washington Post, Jan 09, 2009, A15
http://www.washingtonpost.com/wp-dyn/content/article/2009/01/07/AR2009010702645.html
[12] BBC World News, Jan 04, 2009, 9:15 a.m. (Toronto)
[13] Dion Nissenbaum, “Israel prepares possible Gaza invasion”, McClatchy-Tribune, Dec. 28, 2008
http://www.mcclatchydc.com/staff/dion_nissenbaum/story/58620.html
[14] كوستي بندلي، "نضال عنفيّ أو لا عنفيّ لإحقاق العدالة؟،" منشورات النور، 1988، ص. 127
[15] Shmulik Haddad, “Mortar shells, Qassam rockets rain on Israel's south,” Yediot Ahronot, Dec 06, 2008
http://www.ynet.co.il/english/articles/0,7340,L-3554849,00.html
[16] Paul Street, “Obama-Gaza: No Surprise,” Jan 04, 2009, Zmag
http://www.zmag.org/zspace/commentaries/3732
[17] Larry Derfner , “Rattling the Cage: Accept Hamas's offer,” The Jerusalem Post, Dec 24, 2009
http://www.jpost.com/servlet/Satellite?cid=1230111687765&pagename=JPArticle%2FShowFull
[18] مرجع سابق:
Jimmy Carter, “An Unnecessary War”…
[19] مرجع سابق:
Tom Segev, “Trying to 'teach Hamas a lesson' is fundamentally wrong," Haaretz, Dec 29, 2008
http://www.haaretz.com/hasen/spages/1050706.html
[20] مرجع سابق:
Uri Avnery, “Molten Lead”…
[21] Barak David, “Disinformation, secrecy and lies: How the Gaza offensive came about”, Haaretz, Dec 28, 2008
http://www.haaretz.com/hasen/spages/1050426.html
[22] ICG Middle East Report, N°21, 26 January 2004, “Dealing with Hamas,” p. 26
http://www.crisisgroup.org/library/documents/middle_east___north_africa/21_dealing_with_hamas.pdf
[23] مثلاً: CP 24 news channel, Jan 03, 2009; 5:30 p.m. (Toronto)
[24] Haaretz Service and Reuters, “EU presidency: Israel ground op in Gaza 'defensive not offensive'”, Haaretz, Jan 03, 2009
http://www.haaretz.com/hasen/spages/1052315.html
[25] Richard Falk, “Statement by Prof. Richard Falk United Nations Special Rapporteur for Human Rights in the Occupied Territory”, UN, Dec 27, 2008
http://www.unhchr.ch/huricane/huricane.nsf/view01/F1EC67EF7A498A30C125752D005D17F7?opendocument
[26] المرجع ذاته
[27] مرجع سابق:
Paul Street, “Obama-Gaza…”…
[28] Ilan Pappe, “The Ethnic Cleansing of Palestine,” One World Oxford , 2007
[29] Clyde Haberman, “At Israel Rally, A Word Fails,” New York Times, July 18, 2006, p. B1
[30] Dennis Rahkonen , “The Truth About Those Hamas Rockets,” Online Journal, Jan 01 2009
http://onlinejournal.com/artman/publish/article_4186.shtml
[31] مرجع سابق:
Tom Segev, “Trying to 'teach …”
[32] مرجع سابق:
Amy Goodman, “A Debate on Israel’s …” …
[33] مرجع سابق:
Amy Goodman, “A Debate on Israel’s …”…
[34] Alain Gresh, “Khaled Mechaal : « Nous voulons un Etat dans les frontières de 1967 »” lundi 22 décembre 2008
http://blog.mondediplo.net/2008-12-22-Khaled-Mechaal-Nous-voulons-un-Etat-dans-les
[35] كما أعلنت مثلاً: BBC World News, Jan 02 2009; 11:00 p.m. (Toronto)
[36] Human Rights Watch, “Israel: Allow Media and Rights Monitors Access to Gaza: Total Ban on Foreign Journalists Since Offensive Began”, Jan 05, 2009
http://www.hrw.org/en/news/2009/01/05/israel-allow-media-and-rights-monitors-access-gaza
[37] Aljazeera, “Israel frees Palestinian prisoners,” Monday, August 25, 2008
http://english.aljazeera.net/news/middleeast/2008/08/200882565115301249.html
[38]
B’tselem, “Statistics on administrative detention”
http://www.btselem.org/english/Administrative_Detention/Statistics.asp
[39] Charles D. Smith, Palestine and the Arab-Israeli Conflict, 4th ed. (Boston: Bedford/St. Martin's, 2001), p. 490
مذكور عند:
Stephen Shalom, “Question and Answer on Gaza,” January 16, 2009
http://www.zcommunications.org/znet/viewArticle/20269
[40] Attila Somfalvi, “Sheetrit: We should level Gaza neighborhoods,” Yediot Ahronot , Feb 10, 2008
http://www.ynet.co.il/english/articles/0,7340,L-3504922,00.html
[41] Kol Israel radio, “Amos Oz against Gaza invasion: `Ceasefire with Hamas,`” Feb. 12, 2008
http://www.jfjfp.org/background3_gaza-crisis_2007-08/oz_interview_0802.htm
[42] Seumas Milne, “Israel's onslaught on Gaza is a crime that cannot succeed,” The Guardian, Tuesday 30 December 2008
[43] AFP with The Daily Star, The Daily Star, Dec. 29, 2008
http://www.dailystar.com.lb/article.asp?edition_id=10&categ_id=2&article_id=98727
[44] مرجع سابق:
Dion Nissenbaum, “Israel prepares possible”, op. cit.
[45] مرجع سابق:
Seumas Milne, “Israel's onslaught…”…
[46] Richard Falk, “Statement by Prof. Richard Falk…”, Op. cit.
[47] Oxfam, “Gaza refugees facing massive water cuts, disease”, July 06, 2007
http://www.oxfam.org/node/181
[48] Richard Falk, “Gaza: Silence is not an option”, UN Press Release, Dec 09, 2008
http://domino.un.org/unispal.nsf/3822b5e39951876a85256b6e0058a478/31dd18391da1e61e8525751a004f5006!OpenDocument
[49] Gideon Levy, “The time of the righteous”, Haaretz, Jan 09, 2009 http://www.haaretz.com/hasen/spages/1054158.html
[50] مرجع سابق:
Tom Segev, “Trying to 'teach Hamas…”…
[51] Richard Falk UN Special Rapporteur for Human Rights in the Occupied Territory, “Slouching toward a Palestinian Holocaust”, June 29, 2007
http://www.transnational.org/Area_MiddleEast/2007/Falk_PalestineGenocide.html
[52] JPost.com staff and AP, “Gaza resembles concentration camp”, The Jerusalem Post, Jan. 8, 2009
http://www.jpost.com/servlet/Satellite?cid=1231424892341&pagename=JPost/JPArticle/ShowFull
[53] مرجع سابق:
Richard Falk, “Gaza: Silence is not an option”…
[54] Mark Weiss, “Cabinet to endorse legal backing for IDF troops”, The Jerusalem Post, Jan. 22, 2009
http://www.jpost.com/servlet/Satellite?pagename=JPost/JPArticle/ShowFull&cid=1232643727091
[55] Vaakov Katz, “IDF the Most Moral Army in the World”, June 11, 2006
http://www.jpost.com/servlet/Satellite?pagename=JPost/JPArticle/ShowFull&cid=1149572658286
[56] هيومان رايتس واتش، " سؤال وجواب عن الأعمال العدائية بين إسرائيل وحزب الله "، 16 تمّوز، 2006
http://www.hrw.org/en/news/2006/07/16
[57] مرجع سابق:
Oxfam, “Gaza: Oxfam supported health worker …”…
[58] UNHCR Briefing Notes [United Nations High Commissioner for Refugees], 6 January 2009
http://www.unhcr.org/news/NEWS/496355082.html
[59] مرجع سابق:
Seumas Milne, “Israel's onslaught …”…
[60] BBC, “Casualties rise in Gaza offensive”, Jan 06, 2009
http://news.bbc.co.uk/2/hi/middle_east/7812286.stm
[61] BBC, “Strike on Gaza school 'kills 30'”, Jan 06 2009
http://news.bbc.co.uk/2/hi/middle_east/7814054.stm
[62] Akiva Eldar, Amos Harel, Amira Hass, Avi Issacharoff and Anshel Pfeffer, “UN rejects IDF claim Gaza militants operated from bombed-out school”, Haaretz, 2009-01-07
http://www.haaretz.com/hasen/spages/1053455.html
[63] المرجع نفسه
[64] مرجع سابق:
Robert Fisk, “Why do they hate …”…
[65] Reuven Pedatzur, “The mistakes of Cast Lead”, Haaretz, Jan 08, 2009
http://www.haaretz.com/hasen/spages/1053607.html
[66] Amos Harel and Avi Issacharoff, “Price of stubborness over Gaza exit is dead soldiers”, Haaretz, Jan 06, 2009
http://www.haaretz.com/hasen/spages/1053121.html
[67] BBC, “Israel accused over Gaza wounded”, January 08, 2009
http://news.bbc.co.uk/2/hi/middle_east/7817926.stm
[68] Human Rights Watch, “Israel: Stop Shelling Crowded Gaza City: Effect of 155mm Artillery Indiscriminate in Populated Areas”, January 16, 2009
http://www.hrw.org/en/news/2009/01/16/israel-stop-shelling-crowded-gaza-city
[69] المرجع ذاته.
[70] Amnesty International, “Gaza Civilians Endangered by the Military Tactics of Both Sides”, Jan 08 2009
http://www.amnesty.org/en/for-media/press-releases/amnesty-international-calls-immediate-humanitarian-truce-gaza-20090106
[71] مرجع سابق:
Tom Segev, “Trying to 'teach Hamas …”…
[72] Amira Haas, “Gaza strike is not against Hamas, it's against all Palestinians”, Haaretz, Dec 29, 2008http://www.haaretz.com/hasen/spages/1050688.html
[73] Hazem Balousha and Chris McGreal, “United Nation Warns of a ‘Catastrophe unfolding’ ”, The Globe and Mail, Jan 05, 2009, p. A8
[74] Barak David, “Disinformation…”, op. cit.
[75] مرجع سابق:
Jimmy Carter, “An Unnecessary War”…
[76] مرجع سابق:
Richard Falk, “Gaza: Silence is not an option”…
[77] مرجع سابق:
Hazem Balousha and Chris McGreal, “United Nation Warns of a ‘Catastrophe unfolding’ ”…
[78] Kim Sengupta, Gazans face ‘humanitarian crisis’ as Israeli raids intensify, The Independent, Jan 02, 2009
http://www.independent.co.uk/news/world/middle-east/gazans-face-lsquohumanitarian-crisisrsquo-as-israeli-raids-intensify-1221111.html
[79] Taghreed El-Khodary, “Gaza Hospital Fills Up, Mainly With Civilians”, New York times, Jan 04, 2009
http://www.nytimes.com/2009/01/05/world/middleeast/05gaza.html?em
[80] Rannie Amiri, “What Humanitarian Crisis? Livni's Big Lie”, Counter Punch, Jan 09, 2009
http://www.counterpunch.org/amiri01092009.html
[81] BBC World News, Jan 04, 2009, 6:07 p.m. (Toronto)
[82] AFP, “Israeli guns bombard Gaza in escalation of Hamas war”, Jan 03, 2009
http://www.google.com/hostednews/afp/article/ALeqM5i6iuIOrdtPWrjPb2lF_hgiP8WJ0g
[83] Agence France-Presse, “Israel offensive heightens Gaza humanitarian crisis: aid agencies”, Jan 04, 2009
http://ca.news.yahoo.com/s/afp/090104/health/mideast_conflict_gaza_israel_relief
[84] المرجع السابق
[85] BBC World News, Jan 04, 2009, 9:15 a.m. (Toronto)
[86] Scott Wilson, “Israeli Panel Declares Gaza a 'Hostile Entity': Strip's Supply of Fuel, Electricity to Be Cut”, Washington Post, September 20, 2007; Page A14
http://www.washingtonpost.com/wp-dyn/content/article/2007/09/19/AR2007091901156.html
[87] Michael Ben-Yair, “The war's seventh day”, Haaretz, Mar 03, 2002
http://www.haaretz.com/hasen/pages/ShArt.jhtml?itemNo=136433
[88] Amos Schocken , “Citizenship law makes Israel an apartheid state”, Haaretz, June 27, 2008
http://www.haaretz.com/hasen/spages/996697.html
[89] Shahar Ilan, “A wall runs through it”, Haaretz, Nov 19, 2007
http://www.haaretz.com/hasen/spages/925404.html
[90] Ilan Pappe, “Citizenship law makes Israel an apartheid state”, June 30, 2008
http://ilanpappe.com/?p=75
[91] Alan Cowell, “Tutu criticizes Israel on trip to Holy Land”, St. Petersburg Times, Dec 24, 1989
[92] Miguel D’Escoto Brockman, “At the 57th Plenary Meeting on Agenda Item 16, the Question of Palestine”, U.N. Headquarters , 24 November 2008
http://www.un.org/ga/president/63/statements/agendaitem16241108.shtml
[93] Cnaan Liphshiz, “Canada schools blasted for ban on anti-Israel 'apartheid' poster”, Haaretz, Feb 27, 2009
http://www.haaretz.com/hasen/spages/1067277.html
[94] http://www.bdsmovement.net/
مقدّمة
بدءًا لا بدّ من لفت نظر القارئ إلى أنّني أفضّل استعمال تعبير "دولة الفصل العنصريّ الصهيونيّة" (Apartheid) للدلالة على ما يُدعى بدولة إسرائيل لأنّه يُعّبِّر بشكلٍ واضحٍ عن واقع ذلك النظام. وبالرغم من استهلاك كلمة "صهيونيّ" على يد إعلامييّ الأنظمة العربيّة حتّى صارت تثير النفورَ بسبب ارتباطها بنفاق تلك الأنظمة، إلاّ أنّنا نستخدمها عمدًا لأنّها أيضًا تُعبّر بوضوح عن الخلفيّة العنصريّة والاستعماريّة للمشروع الذي قام على أرض فلسطين. إلاّ أنّنا، تسهيلاً للقراءة، سنعتمد أحيانًا كلمة "إسرائيل."
إنّ أثر الدعاية الإعلاميّة قد يصل إلى ذهن كلّ إنسان، مهما كان قريبًا جغرافيًّا من فلسطين؛ ذلك أنّ جهلاً بتفاصيل الحقائق يجعله عرضة لتصديق الكذب المنقول في الإعلام لكونه مَصوغًا بطريقة منطقيّة مقْنعة. ومع ذلك، فإنّه يمكن كشفُ الكذب بإيضاح الوقائع. فمثلاً، يمْكن لصهيونيٍّ أن يُعلَن أنّ "إسرائيل انسحبتْ من غزّة" ليوحي بأنّ غزّة غيرُ مُحتَلّة؛ ويمكن أن يشير إلى أنّ صواريخ حماس "تُمطر على جنوب إسرائيل" ليوحي بأنّ إسرائيل تواجه خطرًا ماحقًا على حياة السكّان؛ وأنّ "من حقّ إسرائيل" من ثم "أن تدافع عن نفسها" وأن تهاجم غزّة ما دامت "حماس لا تعترف بإسرائيل ولا يمكن أن تتفاوض معها". لكنّ الواقع أنّ هذه الأقوال كاذبة. وهذا النوع من تحليل الكذب الإعلاميّ سيكون موضوع مقالتنا، معتمدين بشكلٍ أساس على مصادر الأمم المتّحدة ومنظّمات حقوق الإنسان وصحافيّين إسرائيليّين.
1. ادّعاء رقم 1: هذه الحرب مشروعة.
لكي تكون حربٌ ما مشروعة فيجب أن تكون الملاذَ الأخيرَ لبلدٍ أو مجموعة. وبناءً على هذا المبدإ، أوردتْ مجلّة الإيكونوميست ثلاثة شروطٍ ضروريّة لتكون حربٌ ما مشروعة: "على البلد أن يكون قد استنفد كلّ الإمكانيّات الأُخرى للدفاع عن نفسه، وأن يتناسبَ الهجوم مع الهدف، وأن يكون لدى ذلك البلد حظّ معقولٌ في الوصول إلى أهدافه. لكنّ إسرائيل، في كلٍّ من هذه الاختبارات، هي على أرض مهزوزة بأكثرَ ممّا تريد أن تعترف."[1] فإسرائيل لم تسعَ إلى تجديد الهدنة بل إلى تدميرها (أنظر رقم 4 لاحقًا)، واستعمالُها المفرط للقوّة العسكريّة وللحصار لا يتناسب مع رغبتها المُعلَنَة في "السلام" والحفاظ على حياة المدنيّين، ولم يكن ممكنًا أن تحقّق أهدافها (التي ظلّت على كلّ حال غير ثابتة). وعليه، فإنْ أخذنا بتحليل مجلّة الإيكونوميست وحده، فإنّ هذه الحرب في الواقع لم تكن مشروعة.
2. ادّعاء رقم 2: هذه الحرب ضروريّة ولا يمكن تجنّبها.
هذا ما قاله إيهود أولمرت بالنسبة إلى الهجوم البرّي مثلاً.[2] لكنّ الباحثة الإسرائيليّة في علم الاجتماع جوليا تشايتن تشير إلى أنّ هذه "الحرب" خاطئة ولاأخلاقيّة وتخلق المزيدَ من الحقد.[3] ويضيف فيليب ويلكوكس، القنصلُ السابق للولايات المتّحدة في القدس المحتلّة، أنّها "حرب" "غير ضروريّة ووحشيّة"[4] : فقد كانت غير ضرورية لأنّ حماس كانت تسعى إلى تجديد الهدنة فحسب؛ أمّا وحشيّتها فهو ما أثبتته منظّماتٌ حقوقيّةٌ ورسميّون في الأمم المتّحدة كما سنوضح لاحقًا.
3. ادّعاء رقم 3: غزّة لم تعد تحت الاحتلال؛ فلقد انسحبنا من غزّة، ولكنهم ما زالوا يقصفوننا بصواريخهم.
إنّ إسرائيل تريد السلام، والطرف الآخر هو الذي يريد الحرب.بيْد أنّ منظّمة هيومن رايتس ووتش أعلنتْ أنّها "تعتبر الوضعَ في غزّة ما يزال وضعَ احتلال بالرغم من انسحاب القوّات الاسرائيليّة والمستوطنبن عام 2005، وذلك لأنّ إسرائيل ما تزال تتحكّم بجوّ غزّة وبحرها وأرضها، كما تتحكّم بكهربائها ومياهها ومجاريرها وشبكات اتّصالها."[5] ويعلّق الناطق باسم الأنروا كريستوفر غانّز قائلاً: "في القانون الدوليّ، هناك مفهوم التحكّم الفعليّ [وهو]: إذا كنتَ تتحكّم بجوّ مكانٍ ما وبأرضه وبحره وحدوده، فأنتَ تحتلّه. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ هناك أرضًا محتلّة واحدة من وجهة نظر الأمم المتّحدة. ولهذا فما دام جنديّ إسرائيليّ واحد يحتلّ الضفّة الغربيّة، فغزّة أيضًا مُحتَلَّة."[6]
لا بدّ من الإشارة هنا إلى أنّ الانسحاب من غزّة لم يكن يهدف إلى السلام، بل إلى تجميد محاولات السلام. فعند سؤال مساعد شارون، دوف فيسغلاس، إنْ كان هدف الانسحاب من غزّة هو "تجميد العمليّة السياسة بشكل شرعيّ"، أجاب بوضوح "هذا بالضبط ما فعلناه،" وأردف أنّ "العمليّة السياسيّة رزمةٌ من المفاهيم والالتزامات... هي إقامة دولة فلسطينيّة مع كلّ الأخطار الأمنيّة التي تكمن فيها... هي إخلاء المستوطنات، هي عودة اللاجئين، هي تقسيم القدس. وكلّ هذا قد تجمّد الآن...المغزى [من الانسحاب] هو تجميد العمليّة السياسيّة. وعندما تجمّدها، تمنع قيامَ دولة فلسطينيّة، تمنع النقاش في موضوع اللاجئين والحدود والقدس."[7] إذًا هذين الادّعاءَيْن بأنّ إسرائيل ترغب في السلام، وأنّ غزّة ليست تحت الاحتلال، ساقطَان.
4. ادّعاء رقم 4: إنّ حماس هي التي تسبّبتْ بانهيار الهدنة التي كانت قائمة.
تقول منظّمة غوش شالوم (كتلة السلام) الإسرائيليّة "إنّ التدهور نحو الحرب كان من الممكن والواجب تجنّبُه. إنّ دولة إسرائيل هي التي خرقت الهدنة من خلال غارة «دقّ النفق» عشيّة انتخابات الولايات المتّحدة قبل شهرين. ومنذ ذلك الحين تابع الجيش[الإسرائيليّ] إذكاءَ نار التصعيد بغاراتٍ وعمليّاتِ قتلٍ محسوبة، وذلك كلّما تراجع إطلاقُ الصواريخ على إسرائيل."[8] وذكّر الصحافيّ روبيرت فيسك بأنّ "إسرائيل خرقت [الهدنة]، أوّلاً في 4/11 [2008] عندما قتل قصفُها ستّة فلسطينيّين، ثمّ في 17/11 عندما قتل قصفٌ آخرأربعة فلسطينيّين آخرين."[9] أمّا يوري أفنيري، العضوُ السابق في البرلمان الإسرائيليّ، فيقول "إنّ وقف إطلاق النار [الهدنة] لم ينهرْ لأنّه، بدايةً، لم يكن هناك وقفٌ حقيقيٌّ لإطلاق النار؛ فالشرط الأساس لأيّ إطلاق نار في قطاع غزّة يجب أن يكون فتحَ معابر الحدود، [إذ] لا يمكن أن تكون ثمة حياةٌ في غزّة من دون تدفّقٍ للبضائع...إنّ هؤلاء الذين قرّروا أن يُغلِقوا المعابر – أيًّا كانت الذريعة - كانوا يعْلمون أنْ لا وقف حقيقيًّا لإطلاق النار في ظلّ هذه الشروط."[10] وبالفعل فإنّ حكومة الاحتلال لم تكن تسمح إلاّ بدخول 20% فقط من البضائع اللازمة للحياة إلى غزّة خلال الهدنة ، كما يذكرجيمي كارتر، الذي يشرح كيف أنّه خلال محادثاته لتمديد الهدنة "اقترحَتِ الحكومة الإسرائيليّة بشكلٍ غير رسميّ أنها قد تسمح بدخول 15% من الإمدادات الطبيعيّة."[11] وهكذا فإنّ إسرائيل هي التي سعت بشكلٍ منهجيّ إلى إنهيار الهدنة وعدم تجديدها.
5. ادّعاء رقم 5: حماس تقوم بحفر الأنفاق لتهريب السلاح.
تكرّرهذا الادّعاء في الإعلام؛[12] لكن إذا كان ممكنًا حصولُ حماس على السلاح عبر الأنفاق، فإنّ هذه الأخيرة كان لا بدّ منها من أجل تأمين المواد الأوليّة الضروريّة للحياة بعد فرض الحصار الرهيب، إذ "سمحتْ لمليون ونصف مليون فلسطينيّ بالحصول على الطعام والوقود والمساعدات التي كانت تمرّ بإسرائيل" كما يقول الصحافيّ ديون نيسّينباوم.[13] إنّ ضرب الأنفاق هو في الحقيقة تشديدٌ للحصار الإجراميّ، الذي تتواطأ معه الحكوماتُ "الديموقراطيّة." ثمّ إنّه من حقّ أيّ شعب يتعرّض للاحتلال والحصار والاضطّهاد أن يسعى بكلّ السبل إلى التخلّص من الوضع اللاإنسانيّ المفروض عليه؛ وقد يلجأ إلى النضال العنفيّ، أو اللاعنفيّ بأسلحةٍ لا تقتل العدوّ ولكنها تهزمه (إعلام، مقاطعة، سحب استثمارات، عصيان مدنيّ...). إنّ مشكلة إسرائيل ليست في وجود السلاح بل في وجهته، وفي رؤية التحرّر الكامنة وراءه. ما من منطقِ حقٍّ إنسانيٍّ، وعدالةٍ، وراء مطالبة الشعب الفلسطينيّ بأن يبقى ساكنًا، وألاّ يفعل إلاّ ما يريده جلاّدوه. إنّ أبا النضال اللاعنفيّ غاندي قال، هو نفسُه: "حيثما لا يوجد خيارَ إلاّ بين الجبن والعنف، فإنه ينبغي حسمُ الأمر لصالح حلّ عنيف."[14]
6. ادّعاء رقم 6: حماس "تُمطر" صواريخها على إسرائيل.
\أوّلاً إنّ كلمة "تُمطر" تُستَعمل للإيحاء بأنّ تهديد "صواريخ" حماس هائل، وأنّ إسرائيل ومدنيّيها مهدّدون بالموت الوشيك.[15] غير أنّ الواقع هو أنّ تأثير هذه الصواريخ لا يُقارَن بتأثير الهجوم الجوّي والبحريّ والبرّي لجيش إسرائيل النظاميّ على سكّان غزة. فإنْ تسبّبتْ في السنوات السبع الأخيرة بمقتل سبعة عشر إسرائيليًّا فقط،[16] و"أرهبتْ"، كما ذكر لاري درفنر من الجيروزاليم بوست، "25,000 إنسان في سديروت وضواحيها... فإنّ إسرائيل، في المقابل، أرهبتْ 1.5 مليون غزّاويّ، وسجنتهم داخل حدودهم الضيّقة بشكلٍ رهيب، وخنقت اقتصادهم، وقتلتْ وجرحت الآلاف منهم."[17]
ثمّ إنّ الترسانة الإسرائيليّة لا تُقارَن بقدرة حماس العسكريّة؛ فإسرائيل هي القوّة العسكريّة الكبرى في المنطقة، ومن الأكبر في العالم، وتمتلك أسلحة نوويّة. أضف إلى ذلك أنّ حماس كانت تسعى إلى تجديد الهدنة، بينما إسرائيل هي التي كسرت الهدنة. وفي هذا الصدد يوضح جيمي كارتر أنّ قياديّي حماس "وافقوا أن ينظروا في وقف إطلاق نار في غزّة فقط [أيْ من دون الضفّة] شرط ألاّ تهاجم إسرائيلُ غزّة وأن تسمح بدخول المساعدات الإنسانيّة بشكل طبيعيّ لتوزيعها على الفلسطينيّين"؛ بل أنّهم "وافقوا أيضًا على القبول بأيّ معاهدة سلام...شرط أن تحظى بموافقة الأكثريّة من الفلسطينيّين في استفتاء."[18]
7. إدعاء رقم 7: إنّ الدفاع عن سكّان إسرائيل هو واجب إسرائيل الأخلاقيّ.
7.1 السكّان في خطر."نصف مليون إسرائيليّ هم تحت النيران": هكذا عَنْوَنَتْ يديعوت أحرونوت أحدَ أعدادها،[19] وصرّح الناطق باسم الحكومة الاسرائيليّة بأنّ "على إسرائيل أن تدافع عن نفسها ضدّ الصواريخ التي تُرهِبُ مدننا الجنوبيّة".[20] وبناءً عليه، فإنّ الهجوم على غزّة هو واجب إسرائيل "الأخلاقيّ" تجاه سكّانها. إلاّ أنّ هذا الادّعاء ساقط: فقد رأينا كيف خرقتْ إسرائيل الهدنة وسعت بشكل منهجيّ إلى سقوطها؛ كما أنّ الحكومة الإسرائيليّة كانت قد خطّطت لهذا الهجوم على غزّة قبل ستّة أشهر من حدوثه، أيْ في وقت سريان الهدنة، ولم يكن ثمة إطلاقٌ للصواريخ، على ما ما تشير هاآرتز.[21] ولِمَنْ يظنّ أنّ إسرائيل كانت تستعدّ عسكريًّا للهجوم على غزّة في حال خرْقِ حماس للهدنة، فإنّ تصريحًا لمسؤول أمن أوروبّي عام 2004 يشكّل أفضل ردّ، إذ يقول: "لقد توقّعوا[الإسرائيليّون] الفشل [وقف إطلاق النار]، وبالفعل ضمنوه... كانت هناك استفزازاتٌ [إسرائيليّة] متواصلة، وانعدامُ خطوات لبناء الثقة، وتصاريحُ [إسرائيليّة] لا تساعد. إنّ وزير الدفاع الإسرائيليّ يُعلن علانيةً أنّ حماس تعيد تجميع قواها، وأنّ على قوّات الدفاع الإسرائيليّة أن تعدّ ذاتها لهجوم ضخم. عندها تبدأ حماس تستعدّ لاحتمال كهذا. بالنسبة إلى إسرائيل يشكّل ذلك دليلاً على أطروحتها الأساسيّة... إسرائيل تهاجم، حماس تردّ، قوّات الدفاع الإسرائيليّة تشعر بانّها مُبَرَّرة، والهدنة تصبح في خبر كان."[22] وأهمّ من ذلك كله هو أنّ "الدفاع" عن السكّان، أو أيَّ قانون آخر، لا يُبَرِّران الاستعمالَ غيرَ المتكافئ للقوّة العسكريّة واستهداف المدنيّين.
7.2 هجوم إسرائيل البرّي ردّ على هجوم حماس.هذا الادّعاء أيضًا تردّد صداه في وسائل الإعلام.[23] أمّا رئاسة الاتّحاد الأوروبّيّ فزعمتْ أنّ العمليّة البرّية "دفاعيّة لاهجوميّة."[24] لكنّنا بيَّنّا أنّ إسرائيل هي التي سعت إلى خرق الهدنة؛ زد على ذلك أنّه لا يحقّ لأيّة دولة أو مجموعة أن تخرق القوانين الدوليّة وأن ترتكب الجرائم. يحلّل ريتشارد فالك، المقرّرُ الخاص للأمم المتّحدة لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلّة، الوضعَ على الشكل التالي: "إنّ الهجمات الصاروخيّة ضدّ المدنيّين في إسرائيل غير قانونيّة. ولكنّ عدم قانونيّتها لا تُعطي إسرائيلَ أيّ حقّ، لا كقوّة احتلال ولا كدولة ذات سيادة، في أن تخرق القانونَ الإنسانيّ الدوليّ وأن ترتكب جرائمَ حرب أو جرائمَ ضدّ الإنسانيّة، ردًّا على هذه الهجمات."[25] ويجب أن نتذكّر أيضًا أنّ إسرائيل هي البادئة بالهجوم بواسطة الحصار القاتل الذي فرضته، ذاك الحصار الذي وصفه يوري أفنيري بأنّه استمرارٌ لإطلاق النار، وشرح مفاعيلَه ريتشارد فالك قائلاً: "إنّ تصرّفاتٍ إسرائيليّةً سابقةٌ [للهجوم]، وخاصّةً الإغلاق الكامل لً [معابر] الدخول والخروج من قطاع غزّة، أدّت إلى نقصٍ حادٍّ في الأدوية والوقود (والطعام)، الأمرُ الذي أدّى إلى عدم تمكّن المستشفيات من تقديم أدوية أو معدّات مناسبة للجرحى."[26] ثمّ إنّ مقارنة إطلاق الصواريخ بالهجوم الإسرائيليّ على غزّة يتجاهل "الطبيعة غير المتكافئة للردّ الإسرائيليّ، الذي قتل خلال يومَين مئاتِ الفلسطينيّين، ومنهم العديدُ من المدنيّين، بينما لم يُقتَل سوى 17 إسرائيليًّا بصواريخ الفلسطينيّين خلال السنوات السبع الأخيرة،" كما يقول الصحافيّ بول ستريت.[27] من هذا المنظار الواقعيّ يمكن للإنسان أن يرى أنّ تصرّف حماس هو ردّ فعل على الهجوم الإسرائيليّ المتواصل منذ التطهير العرقيّ[28] الذي قامت به المجموعاتُ الصهيونيّة عام 1948، وحتّى حصار غزّة القاتل.
8. ادّعاء رقم 8: ماذا كنتم ستفعلون لو أطلق أحدُهم صواريخَه على بيوتكم؟
إنّه المنطق نفسه الذي اتّبعه، صيفَ 2006، مندوبُ إسرائيل في الأمم المتّحدة آنذاك، دان غيللرمان، حين صرّح بالتالي: "أنتم محقّون في أنّنا نفْرط في القوّة... [لكنْ] إنْ كانت مُدُنُكم تُطلق عليها الصواريخُ كما تطلَق على مُدُنِنا، فستستخدمون قوّة أكبرَ من أيّة قوّة نستخدمها."[29] وقد حاول البعضُ خلال الهجوم على غزّة استمالة المجتمع الأميركيّ متسائلين عمّا كان سيفعله المواطنون الأميركيّون لو أنّ الصواريخ كانت تنهمر على بيوتهم من كندا والمكسيك؟ إلاّ أنّ هذا الكلام يتجاهل واقعَ الاحتلال: فليس الموضوع أنّ هناك دولة فلسطينيّة تعتدي على دولة أُخرى، بل فلسطينيّون يعيشون منذ عام 1948 تحت القمع والتعسّف والخطف والقتل والتهديد وإرهاب الدولة الإسرائيليّ. فكما يجيب المعلّقُ دينيس راهكونين "إنْ كانت هاتان الدولتان [كندا والمكسيك] خاضعتين للاحتلال أو الحصار، بشكلٍ غير قانونيّ، من قِبَل الولايات المتّحدة، [وخاضعَتين] لً 60 عامَا من القمع والإخضاع الشرسَيْن؛ وإنْ مَنعتْ، أو أَلْغَت، الولاياتُ المتّحدة بالقوّة كلّ محاولات التغيير السلميّ، فعندها تكون أعمالُ هجومٍ كتلك محاولاتٍ مفهومةً، بل مُبَرَّرَةً أيضًا، لاستعادة حرّية مؤجَّلة بشكل لا يُطاق."[30] ثمّ إنّ هذا التساؤل يتغاضى عن أنّ إسرائيل، لا حماس، هي التي كسرتْ ستّة أشهر من الهدنة كما بيّنّا؛ وأنّ الفلسطينيّين يعيشون بشكل مستمرّ تحت واقع القصف والقتل الإسرائيليَّيْن.
9. ادّعاء رقم 9: هذه حربٌ بين الديموقراطيّة والإرهاب.
9.1 حماس هي منظّمة إرهابيّة.وهذا مخالف للواقع، وهو أنّ حماس، كما كتب الصحافيُّ الإسرائيليّ توم سيغيف، "حركة وطنيّة دينيّة، ومعظم سكّان غزّة يؤمنون بخطّها."[31]
9.2 إسرائيل لن تتحاور مع منظّمة إرهابيّة، كما أنّ حماس لن تتحاور مطلقًا مع إسرائيل.فلقد صرّح مثلاً ميغن بورن، مستشارُ إحدى المنظّمات الداعمة لإسرائيل، بأنّ "حماس لن تتفاوض أبدًا مع إسرائيل."[32] ولكنّ الناطق باسم الأنروا، كريستوفر غانّز، يؤكّد أنه "كانت هناك محادثاتٌ في القاهرة قادت إلى وقف إطلاق نار بدأ في 19 حزيران هذا العام [2008]."[33] إذًا، هذا الادّعاء الكاذب هو مجرّد تبرير للهجوم على الفلسطينيّين، بل ذهبتْ حماس إلى أبعد من مجرّد التفاوض على هدنة، وذلك بإعلانها القبولَ بحلّ الدولتين.[34]
9.3 إسرائيل هي الديموقراطيّة الوحيد في الشرق الأوسط.يحتاج هذا الادّعاء المتواصل إلى أن ننقضه بالإشارة إلى بضعة تصرّفات تدلّ على طبيعة النظام الإسرائيليّ.
إنّ تصرّف الحكومة الصهيونيّة أثناء العدوان الإسرائيليّ على غزّة كان واضحًا من حيث قمعه للحرّيات الصحافيّة، إذ منعَتْ حكومة الاحتلال الصحافيّينَ من دخول غزّة،[35] وكما تعلّق منظّمة هيومان رايتس واتش فقد "كان هناك منع كامل للصحافيّين الأجانب [من الدخول]...إنّ المحكمة العليا الإسرائيليّة قد حكمت في 31 كانون الأوّل 2008 بأنّ الحكومة الإسرائيليّة يجب ان تسمح لً12 صحفيًّا أجنبيًّا بالدخول إلى غزّة. أمّا الحكومة الإسرائيليّة فقالت بأنّها ستسمح لًثمانية صحافيّين بالدخول إلى غزّة كلّما فَتَحت الحدود على معبر إريتز، ولكن حتّى الآن [5 كانون الثاني] بقي المعبر مُغلقًا".[36]
والنظام القضائيّ في إسرائيل يسمح باعتقال حوالي 11,000 فلسطينيّ،[37] ومنهم مَن اعتُقل من دون مجرّد توجيه تُهَم إليه،[38] وبعضُهم نوّابٌ انتخبهم الشعبُ الفلسطينيّ ديموقراطيًّا. أمّا قياديّو الشعب الفلسطينيّ الطليقون فيُغتالون مع عائلاتهم وجيرانهم، باعتراف المسؤولين الإسرائيليّين العلنيّ، ودون رادع. إنّ هذا الوضع الذي يعيشه الفلسطينيّون هو من السوء بحيث إنّ إيهود باراك اعترف يومًا لأحد الصحافيّين بأنّه لو وُلِدَ فلسطينيًّا لكان التحق بمنظّمة "إرهابيّة."[39]
وأمّا على المستوى الوزاري فإنّنا نرى وزيرًا، هو ميئير شيتريت، يقترح في اجتماع وزاريّ: "فلنخْتَرْ حيًّا في غزّة ولنسوّهِ بالأرض."[40] ويضيف بعنصريّةٍ جليّة: "نحن لا نتكلّم مع الغزّاويّين باللغة التي يفهمونها؛ يجب أن نتكلّم معهم بالغزّاويّ لا بالعبريّ."[41]
والأفدح من تعليقات هذا الوزير تعليقاتُ معظم الصحافة الإسرائيليّة. فَها إنّ يديعوت أحرونوت، كما يعلّق سوماس ميلني في صحيفة الغارديانالبريطانيّة، "تتفاخر «بأنّ عنصر المفاجأة قد زاد من عدد الناس الذين قُتِلوا.» واليوميّة معاريف توافقها الرأيَ: «تركناهم في صدمة ورعب.»"[42]وفي عدد يديعوت أحرونوت نفسه تقول الصحيفة "إنّ القرار بالهجوم يوم السبت كان ضربة من الذكاء: فليس من المفترض بإسرائيل ان تبدأ حربًا يوم السبت."[43] أمّا ناحوم بارنيا، أحدُ الصحافيين الإسرائيليّين المعروفين، فيعلّق بأنّ "التأخير أفضلُ من عدم الفعل... لقد كانت [الحرب] ضروريّة ليس فقط بسبب الوضع غير المحتمل في القرى المحيطة بغزّة، ولكنْ أساسًا بسبب الضرر المتواصل لقدرة إسرائيل على الردع،"[44] مُعْلِنًا هكذا بوضوح ً تفضيله للحرب لتلقين الفلسطينيّين والعرب "درسًا" يردعهم في المستقبل.
هذا بالإضافة إلى أنّ "الحرب" نفسها على غزّة ليست سوى جريمة.[45] وفي هذا الصدد صرّح ريتشارد فالك بأنّ "الغارات الجوّية الإسرائيليّة على قطاع غزّة تمثّل خروقًا فادحة للقانون الدولي الإنسانيّ...هذه الخروق تتضمّن: (1) العقاب الجماعيّ [إذ] إنّ كامل الً1.5 مليون إنسان الذين يعيشون في قطاع غزّة المكتظّ يتعرّضون للعقاب من أجل تصرّفات بضعة مقاتلين. (2) استهداف المدنيّين [إذ] إنّ الغارات الجوّية كان تستهدف مناطق مدنيّة في واحدة من أكثر قطع الأرض اكتظاظًا في العالم...(3) ردّ عسكري غير متكافئ."[46] وحتّى في تمّوز 2007، أيْ قبل أكثر من عام على الهجوم على غزّة، كانت منظّمة أوكسفام التي تُعنى بالتغذية قد شرحت المعاناة التي يسبّبها الحصارُ الإسرائيليّ (انقطاع للمياه، الأمراض...)؛[47] وقال ريتشارد فالك في 9 كانون الأوّل، قبل الهجوم الإسرائيليّ على غزّة: "يبدو أنّه من الإلزاميّ لمحكمة الجنايات الدوليّة أن تحقّق في الوضع، وأن تحدّد ما إذا كان يجب على القيادات الإسرائيليّة المدنيّة والعسكريّة المسؤولة عن حصار غزّة أن تُتَّهَم وأن تُلاحَق قضائيًّا لخرقها القانون الجنائيّ الدوليّ... هذه أزمة إنسانيّة يفرضها مسؤولون سياسيّون عن عمد."[48]
إنّ الوقائع التي ذكرناها توضح نوعيّة الديموقراطيّة الإسرائيليّة: إنّها ديموقراطيّة سمحتْ في 9 /1/2009 للمتحدّث باسم جيش الاحتلال الاسرائيليّ بأن يعلن أنّ "اتّجاه القيادة [هو] أن نقتل أكبر عدد ممكن." ويعلّق الصحافيّ الإسرائيليّ جيديون ليفي قائلاً:"حتى لو كان [المتحدّث] يشير إلى مقاتلي حماس، فإنّ هذا الاتّجاه ما يزال يثير القشعريرة"؛[49] ذلك أنّه اتّجاهٌ يشير إلى الذهنيّة العنصريّة القابعة خلف واجهة "الديموقراطيّة." وهذه العنصريّة هي التي يشير إليها الصحافيّ الإسرائيليّ توم سيغيف عندما ينتقد حكومته بقسوة قائلاً أنّ إسرائيل تضرب الفلسطينيّين «لكي تعلّمهم درسًا.» ويضيف: "إنه الافتراض الذي رافق المشروعَ الصهيونيّ منذ نشوئه: نحن ممثّلو التقدّم والتنوير، بينما العرب تجمّعُ رعاعٍ بدائيّ، وأولادُ جهلة يجب تربيتهم وتعليمهم الحكمة - على طريقة الجزرة والعصا"[50] أمّا فالك فيتّهم في حزيران 2007 إسرائيل بالنازيّة إذ يقول: "هل هو تصريح غير مسؤول ومبالغ فيه أن يقارِنَ المرءُ بين معاملة الفلسطينيّين [من قِبَلِ إسرائيل] وبين التاريخ الإجراميّ للوحشيّة الجماعيّة للنازيّة؟ لا أعتقد ذلك. إنّ التطوّرات الأخيرة في غزّة مُقلقة بشكل خاصّ لأنّها تعبّر بشكل جليّ عن نيّة مقصودة من قبل إسرائيل وحلفائها لإخضاع جماعةٍ بشريّةٍ كاملةٍ للظروف المهدّدة للحياة... إنّ الاقتراح القائل بأنّ هذا النمط من السلوك يُعتَبَرُ محرقةً قيد التنفيذ هو دعوةٌ يائسةٌ إلى حكومات العالم والرأي العام العالميّ للتصرّف بسرعة من أجل منع هذه التوجّهات الحاليّة نحو الإبادة الجماعيّة من أن تُتَوَّج بمأساة."[51] وتتّخذ تصريحاتُ الكاردينال ريناتو مارتينو، وزير العدل والسلام في الفاتيكان، الوجهة نفسَها حين يصرّح بأنّ "الناس غير القادرين على الدفاع عن أنفسهم هم الذين يدفعون الثمن دائمًا. أنظرْ إلى الأوضاع في غزّة: إنّها تشبه أكثر فأكثر مخيّمَ اعتقالٍ جماعيّ".[52] أمّا فالك فيتابع في كانون الأوّل 2008 نقده الشديد للنظام الإسرائيليّ، ويُلاحظ كيف أنّ الإدانات المتصاعدة لإسرائيل من قبل "رسميّين في الأمم المتّحدة، عادةً ما يكونون حذرين، لم نشهدْ لها مثيلاً منذ نظام الفصل العنصريّ في جنوب أفريقيا".[53]
10. ادّعاء رقم 10: أيًّا يكن الأمر، فإنّ إسرائيل تحارب بأخلاقيّة وإنسانيّة.
ادّعى باراك أنّ الجيش الإسرائيليّ يحارب بمعايير أخلاقيّة قصوى.[54] أمّا أولمرت فأعلن أنّ الجيش الإسرائيليّ هو "أكثرُ الجيوش أخلاقيّة في العالم":[55] فهو يحذّر الفلسطينيّين قبل قصف بيوتهم، ولا يستهدف المدنيّين عن قصد بل يتجنّبنهم قدْر الإمكان؛ وكلّ المشكلة هي أنّ حماس تتّخذ المدنيّين دروعًا بشريّة، وهو ما يتسبّب بوقوع إصابات بين المدنيّين. ولكن، فلنرَ الآن الواقع خلف هذا الخطاب الإعلاميّ.
10.1 إنّنا نرسل تحذيرات إلى الفلسطينيّين قبل القصف.تشير منظّمة هيومان رايتس واتش إلى أنّ القانون الإنسانيّ الدوليّ "يفرض على الأطراف المتحاربة إعطاء إنذار مسبّق فعّال بالهجمات التي يمكن أن تؤثّر في المدنيين، وذلك بقدْر ما تسمح الظروف. ويجب أن يأخذ تقديرُ هذا الأمر في الاعتبار توقيتَ الإنذار، وكذلك قدرةَ المدنيين على مغادرة المنطقة."[56] ولكنْ، بحسب ممثّل منظّمة أوكسفام في غزّة، "لا يوجد مكانٌ أمن، كما أنّ الغزّاويّين الذين حاولوا الفرارَ من القتال مُنعوا من مغادرة القطاع"؛[57] فالواقع الإجراميّ هو أنّ الهجوم على غزّة "هو الصراعُ الوحيدُ في العالم الذي يُمنع فيه السكّانُ من مجرّد الفرار،" على ما أشار أنطونيو غوترّيس، رئيسُ المفوّضيّة السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين.[58]
10.2 نحن لا نستهدف المدنيّين.هذا ادّعاء يكذّبه الصحافيون الإسرائيليّون أنفسُهم. يشير سوماس ميلني في الغارديان مثلاً إلى أنّ "كلّ التقارير تُظهِرُ مصابين من الأطفال والنساء. الأمم المتّحدة تقول إنّ 25% من المصابين هم من المدنيّين، وإسرائيل لا تهتمّ ولم تحاول أن تهتمّ.[59] وبالفعل فالأطبّاء المعالجون كانوا يصرّحون بأنّ "الناس يموتون الآن بسبب نقص المخزون [الطبّي]" و"بين المئات [من المصابين] رأينا حتّى الآن مُقاتِلَيْن،" وكان الأطفال والنساء يشكّلون في 30/12/ 2008 حوالى 25% من القتلى و45% من الجرحى.[60] أمّا في 6/1/2009 فقد قصفتْ إسرائيل مدرسة الفاخورة التابعة للأمم المتّحدة في غزّة، قرب مخيّم اللاجئين في جباليا، والتي تأوي اللاجئين من القصف.[61] وعندما زعمتْ إسرائيل أنّ القصف استهدف عناصرَ عسكريّة لحماس في المدرسة أو قربها، ردّ مسؤولو الأونروا بأنّهم "واثقون بنسبة 99.9% بأنّه لم يكن يوجد أيّ مقاتل أو عمل عسكريّ في المدرسة."[62] وقبل 15 ساعة من قصف مدرسة الفاخورة قصفتْ قوّاتُ الاحتلال الإسرائيليّ مدرسة "أسماء" الابتدائيّة في مخيّم الشاطئ للاّجئين شمال مدينة غزّة وقتلتْ 3 من عائلة السلطان.[63] ومَنْ تراه ينسى استهدافات الجيش الإسرائيليّ للمدنيّين في لبنان، التي يذكّر بها الصحافيّ روبرت فيسك،[64] وهي استهدافاتٌ خلّفتْ 17,000 قتيل عام 1982 معظمُهم من النساء والأطفال، و1,700 قتيل في مخيّمي صبرا وشاتيلا تحت وقع أبصار ذلك الجيش وتسهيلاته العسكريّة ومسؤوليّته القانونيّة، و106 قتلى في مجزرة قانا عام 1996، وأكثر من 1200 قتيل في قصفه للبنان صيف 2006 حيث ارتكب ذلك الجيش مجزرة مَرْوَحين التي ذهب ضحيّتها أناسٌ "أُمِروا بأن يتركوا بيوتهم من قِبَل الإسرائيليّين، ثمّ ذُبِحوا بواسطة مروحيّة إسرائيليّة"؟
10.3 نحن نحاول تجنّب المدنيّين قدر الإمكان.هذا الكلام ينفيه الصحافيّ روفين بيداتزور من هاآرتز حين يكتب "أنّ قوّات الدفاع الإسرائيليّة، التي خطّطتْ لمهاجمة بنايات وأماكن مأهولة من قبل مئات الناس، لم تحذّر هؤلاء مُسبّقًا لكي يرحلوا، وإنّما تعمّدتْ أن تقتل عددًا كبيرًا منهم."[65] وقد ذكرتْ هاآرتز أيضًا أنّ رئيس الأركان الإسرائيليّ أشكينازي قال "إنّ استعمال قوّة نار كبيرة أمرٌ لا يمكن تجنّبُه حتّى في الأماكن الأكثر اكتظاظًا بالسكّان،"[66] وذلك بحجّة حماية الجنود. وهذا ما سبّب الفظائع، حتى إنّ "اللجنة العالميّة للصليب الأحمر اتّهمتْ إسرائيل بالإخفاق في مسؤوليّاتها الدوليّة بعدما واجه فريقها مشاهدَ صادمة. فقد عثر فريق طبّيّ على 12 جثّة في بيت مقصوف [في منطقة زيتون]، وبجانبها 4 أطفال صغار جدًّا، وضعفاءُ إلى درجة عجزهم عن الوقوف، منتظرين إلى جانب أمّهاتهم الموتى... وصرّح بيير ويتّاش رئيسُ هيئة الصليب الأحمر الدوليّ «هذا حادث فظيع. لا بدّ أنّ القوّات العسكريّة الإسرائيليّة كانت على علم بالوضع ولكنّها لم تُساعد الجرحى. كما أنّهم لم يتركوا لنا، أو للهلال الأحمر الفلسطينيّ، مجالاً لمساعدة الجرحى»".[67] وهذا النقد فريدٌ من نوعه لأنّ مؤسّسة الصليب الأحمر تتّخذ عادة موقفًا حياديًّا من أفرقاء النزاعات. وذكرتْ هيومان رايتس واتش أنّ "الهجوم على وسط مدينة غزّة حصلَ بعد أن حذّرتْ قوّات الدفاع الإسرائيليّة سكّان مدينة غزّة طالبةً إليهم التوجّه إلى وسط المدينة." [68] وأكّد المحلّل العسكري لدى هيومن رايتس واتش، مارك غارلاسكو، أنّ إسرائيل "حذرت المدنيين طالبةً منهم التوجه الى مراكز المدن، و[لكنها] قصفتْ في وقتٍ لاحق وسط مدينة غزّة بسلاحٍ يجب ألاّ يُستخدم أبدًا في المناطق المكتظّة بالسكان."[69]
10.4 ولكنّ حماس تتّخذ المدنيين دروعًا بشريّة.إنّ مقاتليّ حماس هم من سكّان غزّة، وهي من المناطق الأكثر اكتظاظًا على وجه الأرض كما سبق الذكر. ولهذا فَإنهم عمليًّا لا يملكون سوى القتال من داخل مدنهم. وإنْ حدث أنِ اتّخذ مقاتلو حماس المدنيّينَ دروعًا بشريّة بشكل متعمّد، فذلك أمرٌ يجب أن يُدان. لكنّ المؤكّد هو أنّ الجيش الإسرائيليّ قد اتّخذ المدنيّين الفلسطينيّين دروعًا بشريّة. فمنظّمة العفو الدوليّة ذكرتْ أنّ "جنودًا إسرائيليّين دخلوا منازلَ فلسطينيّين واتّخذوا فيها مواقع، مُجبِرين العائلات على أن يبقوا في أرض إحدى الغرف، بينما استعملوا بقيّة المنزل قاعدةً عسكريّةً وموقعَ قنص؛ وهذا يزيد من نسبة المخاطر على العائلات الفلسطينيّة المعنيّة، ويعني أنّهم فعليًّا يُستَعملون كدروع بشريّة... وفي الماضي، احتلّ الجنود الإسرائيليّون بيوتًا فلسطينيّة، ساجنين ساكنيها عمليًّا، كي يستعملوها مواقعَ رصدٍ عسكريّ وإطلاق نار. وفي حالات أُخرى، أجبروا مدنيّين فلسطينيّين، تحت تهديد السلاح، على أن يدخلوا قبلهم إلى مبانٍٍ كانوا يخشون أن يُهاجَموا من داخلها."[70]
10.5 إسرائيل ليست ضدّ الفلسطينيّين؛ الفلسطينيّون هم مثلنا ضحايا حماس.لكنّ الصحافي الإسرائيليّ توم سيغيف يوضح أنّ "إسرائيل طالما ظنّت أنّ تسبيب الألم للمدنيّين الفلسطينيّين سيدفعهم إلى أن يثوروا على قادتهم الوطنيّين،"[71] ومن ثم فإنّ استهدافهم نتيجةٌ لسياسة إسرائيليّة واعية ومقصودة. وهذا ما جعل هاآرتز تعنون أحدَ مقالاتها بالتالي: "إنّ ضرب غزّة لا يستهدف حماس، إنّه يستهدف كلّ الفلسطينيين."[72] والوقائع على الأرض واضحة: فالطبيب النرويجيّ إريك فوس، الذي يعمل في مستشفى الشفاء، صرّح بـ "أنّ مقاتليّ حماس لم يكونوا سوى أقلّية ضئيلة من المصابين الذين أُتي بهم"؛[73] يُضاف إلى ذلك أنّ القصف الذي بدأ به جيشُ الاحتلال هجومَه على غزّة كان المقصود منه أن يكون مُفاجِئًا من أجل إلحاق أكبر عدد ممكن من القتلى بين المدنيّين؛ فبالإضافة إلى أنّه بدأ يومَ سبت، فإنّ إسرائيل، على ما يوضح باراك دافيد من هآرتز، بأنّ "تابعتْ إرسال معلومات مُضَلِّلَة تُعلن فيها أنّها ستفتح المعابر إلى غزّة، وأنّ أولمرت سيقرّر إنْ كان سينفّذ الضربة بعد ثلاث محادثات يوم الأحد- أيْ بعد يوم واحد من إُصدار الأمرُ فعليًّا. وقال أحدُ الرسميّين في وزارة الدفاع إنّ «حماس سحبتْ موظّفيها من مراكزها بعد اجتماع مجلس الوزراء [الإسرائيليّ] الأربعاء، ولكنّ المنظّمة [حماس] أعادتهم عندما سمعوا أنّ كلّ شيء قد تأجّل إلى الأحد.»"[74]
أمّا مقرّر الأمم المتّحدة الخاصّ للغذاء فقد وجد أنّ "سوء التغذية الحادّ هو في مستوى الدول الأفقر جنوبَ الصحارى الجنوبيّة [في أفريقيا]؛ ذلك أنّ أكثر من نصف العائلات الفلسطينيّة لا تأكل أكثرَ من وجبة واحدة في اليوم،"[75] و"لا تزال إسرائيل تواصل محاصرتها لغزّة إلى أقصى حدّ، وتسمح بدخول الكمّياتِ التي تكفي من الطعام والوقود لً [مجرّد] منع المجاعة والأمراض الجماعيَّين."[76] وصرّح جون غينغ، رئيسُ بعثة الأمم المتّحدة للإغاثة في غزّة، بأنّ "لدينا كارثة في غزّة بالنسبة إلى المدنيّين. الناس في مدينة غزّة والشمال لا يحصلون على الماء الآن. هذا بالإضافة إلى أنّهم لا يحصلون على الكهرباء. إنهم في فخّ، إنّهم في صدمة، إنّهم مُرْهَبون. إنّ لاإنسانيّة هذا الوضع، وانعدامَ التحرّك من أجل إنهائه، يتركانهم مذهولين."[77]وكلّ ذلك يشير إلى أنّ إسرائيل كانت تستقصد أذى المدنيّين وقتل أكبر عدد منهم.
11. إدعاء رقم 11: لا توجد أزمة إنسانيّة في غزّة.
وهكذا أعلنتْ تسيبي ليفني من باريس أنْ "لا أزمة إنسانيّة في القطاع، وبالتالي لا ضرورة لهُدنة إنسانيّة."[78] ومثلها أكّد أمين عامّ مجلس وزراء الاحتلال أوفيد يهيذكيل الأمرَ عينه.[79] أمّا الكولونيل موشي ليفي فقال "إنّ حماس تحاول أن تخلق مظهر أزمة إنسانيّة، ولكن نحن والمنظّمات الإنسانيّة نمنع حدوث ذلك."[80]
غير أنّ الواقع على الأرض معاكس تمامًا. فقد ذكر كارتر أنّه لم يكن يدخل غزّة قبل الهجوم الأخير سوى 20% من حاجات السكّان. وصرّحتْ منظّمة أوكسفام للتغذية أثناء الهجوم بأنّ "250,000 إنسان لا تصلهم المياه في غزّة."[81] وأكّد كسويل غيلارد، المنسّقُ الإنسانيّ الأمميّ في الأراضي الفلسطينيّة، وجود "حالة طوارئ حرجة في قطاع غزّة. إنها، بمطلق أيّ تعريف، أزمة إنسانيّة، وأكثر."[82] ومع أنّ الضابط في جيش الاحتلال أفيتال كيبوفتز أعلن أنّ "برنامج الغذاء العالميّ توقّف عن إرسال الغذاء إلى هناك [غزّة] لأنّ مستودعاتهم مليئة حتّى القمّة"،[83] متّهمًا حماس بعدم السماح بتوزيع الغذاء، فإنّ كريستين فان نيوفينهويسي، ممثّلةَ برنامج الغذاء العالميّ في الأراضي الفلسطينيّة، ردّت بأنّ المستودعات مليئة إلى أقلّ من النصف.[84]
12. ادّعاء رقم 12: في النهاية كلّ حربٍ بشعةٌ، ولا بدّ أن يسقط ضحايا مدنيّون في أيّة حرب.
هذا كان لسان حال دان غيللرمان، المندوب الإسرائيليّ السابق في الأمم المتّحدة.[85] لكنْ أثناء "الحرب" نفسها لا بدّ أن يحترم أيّ فريق القوانين الدوليّة. والحال أنّ كلّ ما ذكرناه سابقًا يشير إلى أنّ الهجوم على غزّة لم يكن حربًا، وإنّما مذبحة، يقوم بها، عن سابق تخطيط، فريقٌ مدجّجٌ بكلّ أنواع الأسلحة، ضدّ أناس ما يزالون يحيون تحت وطأة احتلاله وحصاره. إنّ المذبحة الأخيرة لم تبدأ بالهجوم في كانون الأوّل 2008، وإنّما مع إعلان غزّة "كيانًا معاديًا" وبدء الحصار في أيلول 2007؛[86] أمّا المذبحة الأولى فكانت في أيّار 1948، عندما تأسّس نظام الفصل العنصريّ كمشروع استعماريّ على أرض فلسطين على جثث الفلسطينيّين وأنقاض قراهم.
خاتمة
كلّ هذه الادّعاءات تهدف إلى إعماء البصيرة والبصر عن واقع أنّ ما يحدث ليس حربًا أو دفاعًا بل هجوم ومذبحة منظّمة، وأنّ تفادي هذا الهجوم كان ممكنًا لو أرادت إسرائيلُ ذلك، وأنّ غزّة ما زالت تحت الاحتلال وتخضع لمذبحة يوميّة منذ الحصار، وأنّ جيش الاحتلال اتّخذ المدنيّين الفلسطييّين دروعًا بشريّة وتعمّد إيذاءهم، وأنّ غزّة معسكرُ اعتقال تُمارَس فيه جرائمُ جماعيّةٌ تشبه جرائمَ النازيّة في خلفيّتها العنصريّة، وأنّ النظام الصهيونيّ نظامُ فصلٍ عنصريّ يشبه نظامَ جنوب أفريقيا البائد.
إنّ الفظائع التي يرتكبها هذا النظام تنبع بالضبط من خلفيّته العنصريّة هذه. وهذا ما رآه العديد من الناشطين، والمفكّرين، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والرسميّين، ومنهم اسرائيليّون، عندما وصفوا النظام الإسرائيليّ بأنّه نظام فصل عنصريّ، ومنهم المدّعي العام الإسرائيليّ السابق ميكايل بن يائير،[87]وناشر صحيفة هاآرتز أموس شوكِن،[88] والصحافيّ الإسرائيليّ شاهار إيلان،[89] والمؤرّخ الإسرائيليّ إيلان بابي،[90] والمطران الجنوب أفريقيّ ديزموند توتو،[91] ورئيس الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة الأب ميغيل ديسكوتو بروكمان،[92] ووزير خارجيّة البرازيل فالتر بومار الذي صرّح بأنّه "يكون من المناسب أن تُطَبَّق على الحكومة الإسرائيلية المعاملة نفسُها التي كانت قد تلقّتها حكومةُ الفصل العنصريّ في جنوب افريقيا."[93]
إنّ نظام الفصل العنصريّ الإسرائيليّ يستدعي مشاركة الحركات الطلاّبيّة والنقابيّة والثقافيّة في العالم في مقاطعة إسرائيل وفرضِ عقوباتٍ عليها وسحب الاستثمارات منها.[94] ويتطلّب مقاومةً على الصعيد الإعلاميّ لفضح الأكاذيب وكشف الحقائق، ومنها كشفُ وجه العنصريّة خلف قناع الديموقراطيّة، وجه حقيقة نظام الفصل العنصريّ.
مجلّة الآداب، عدد 4-5-6، 2009
خريستو المرّ[†]
[*] هذا النصّ مبنيّ على محاضرة أُلقيَت بالإنكليزيّة في لقاء تثقيفيّ حول غزّة في مدينة تورونتو الكنديّة في 10/1/2009، وقد اشترك في تنظيمه تجمّع "أساتذة من أجل فلسطين" وهو عضو في "التحالف من أجل مناهضة الفصل العنصريّ الإسرائيليّ" (http://www.caiaweb.org/faculty/).
[†] أستاذ جامعيّ، وكاتب لبنانيّ. له كتاب بعنوان: وعود الإعلام وأوهام الحرّية: المسيح والتحرير" (بيروت: تعاونيّة النور الأرثوذكسيّة للنشر والتوزيع، 2009).
[1] The Economist, “Gaza: the rights and wrongs,” Dec 30, 2008
http://www.economist.com/printedition/displayStory.cfm?story_id=12853965&source=most_commented
[2] Barak Ravid, “Peres: No Gaza truce right now, Hamas needs a 'real lesson,” Haaretz, Jan 04, 2009
http://www.haaretz.com/hasen/spages/1052533.html
[3] Julia Chaitin, “Darkness in Qassam-Land," Washington Post, Wednesday, December 31, 2008; Page A15
http://www.washingtonpost.com/wp-dyn/content/article/2008/12/30/AR2008123002661.html
[4] BBC World News, Jan 02, 2009; 11:00 p.m. (Toronto)
[5] Human Rights Watch, “Q & A on Hostilities between Israel and Hamas,” December 31, 2008
http://www.hrw.org/en/news/2008/12/31/q-hostilities-between-israel-and-hamas
[6] Amy Goodman, “A Debate on Israel’s Invasion of Gaza: UNRWA’s Christopher Gunness v. Israel Project’s Meagan Buren,” Democracy Now, 2009-01-05
http://www.democracynow.org/2009/1/5/a_debate_on_israels_invasion_of
[7] Ari Shavit, “The big freeze,” Haaretz, Oct 10 2004
http://www.haaretz.com/hasen/pages/ShArt.jhtml?itemNo=485929
[8] Gosh Shalom, “The war in Gaza – vicious folly of a bankrupt government,” Dec 29, 2008
http://zope.gush-shalom.org/home/en/channels/press_releases/1230491211/
[9] Robert Fisk, “Why do they hate the West so much, we will ask,” The Independent, Jan 07, 2009
http://www.independent.co.uk/opinion/commentators/fisk/robert-fisk-why-do-they-hate-the-west-so-much-we-will-ask-1230046.html
[10] Uri Avnery, “Molten Lead,” Jan 03, 2009
http://zope.gush-shalom.org/home/en/channels/avnery/1230937462/
[11] Jimmy Carter, “An Unnecessary War,” The Washington Post, Jan 09, 2009, A15
http://www.washingtonpost.com/wp-dyn/content/article/2009/01/07/AR2009010702645.html
[12] BBC World News, Jan 04, 2009, 9:15 a.m. (Toronto)
[13] Dion Nissenbaum, “Israel prepares possible Gaza invasion”, McClatchy-Tribune, Dec. 28, 2008
http://www.mcclatchydc.com/staff/dion_nissenbaum/story/58620.html
[14] كوستي بندلي، "نضال عنفيّ أو لا عنفيّ لإحقاق العدالة؟،" منشورات النور، 1988، ص. 127
[15] Shmulik Haddad, “Mortar shells, Qassam rockets rain on Israel's south,” Yediot Ahronot, Dec 06, 2008
http://www.ynet.co.il/english/articles/0,7340,L-3554849,00.html
[16] Paul Street, “Obama-Gaza: No Surprise,” Jan 04, 2009, Zmag
http://www.zmag.org/zspace/commentaries/3732
[17] Larry Derfner , “Rattling the Cage: Accept Hamas's offer,” The Jerusalem Post, Dec 24, 2009
http://www.jpost.com/servlet/Satellite?cid=1230111687765&pagename=JPArticle%2FShowFull
[18] مرجع سابق:
Jimmy Carter, “An Unnecessary War”…
[19] مرجع سابق:
Tom Segev, “Trying to 'teach Hamas a lesson' is fundamentally wrong," Haaretz, Dec 29, 2008
http://www.haaretz.com/hasen/spages/1050706.html
[20] مرجع سابق:
Uri Avnery, “Molten Lead”…
[21] Barak David, “Disinformation, secrecy and lies: How the Gaza offensive came about”, Haaretz, Dec 28, 2008
http://www.haaretz.com/hasen/spages/1050426.html
[22] ICG Middle East Report, N°21, 26 January 2004, “Dealing with Hamas,” p. 26
http://www.crisisgroup.org/library/documents/middle_east___north_africa/21_dealing_with_hamas.pdf
[23] مثلاً: CP 24 news channel, Jan 03, 2009; 5:30 p.m. (Toronto)
[24] Haaretz Service and Reuters, “EU presidency: Israel ground op in Gaza 'defensive not offensive'”, Haaretz, Jan 03, 2009
http://www.haaretz.com/hasen/spages/1052315.html
[25] Richard Falk, “Statement by Prof. Richard Falk United Nations Special Rapporteur for Human Rights in the Occupied Territory”, UN, Dec 27, 2008
http://www.unhchr.ch/huricane/huricane.nsf/view01/F1EC67EF7A498A30C125752D005D17F7?opendocument
[26] المرجع ذاته
[27] مرجع سابق:
Paul Street, “Obama-Gaza…”…
[28] Ilan Pappe, “The Ethnic Cleansing of Palestine,” One World Oxford , 2007
[29] Clyde Haberman, “At Israel Rally, A Word Fails,” New York Times, July 18, 2006, p. B1
[30] Dennis Rahkonen , “The Truth About Those Hamas Rockets,” Online Journal, Jan 01 2009
http://onlinejournal.com/artman/publish/article_4186.shtml
[31] مرجع سابق:
Tom Segev, “Trying to 'teach …”
[32] مرجع سابق:
Amy Goodman, “A Debate on Israel’s …” …
[33] مرجع سابق:
Amy Goodman, “A Debate on Israel’s …”…
[34] Alain Gresh, “Khaled Mechaal : « Nous voulons un Etat dans les frontières de 1967 »” lundi 22 décembre 2008
http://blog.mondediplo.net/2008-12-22-Khaled-Mechaal-Nous-voulons-un-Etat-dans-les
[35] كما أعلنت مثلاً: BBC World News, Jan 02 2009; 11:00 p.m. (Toronto)
[36] Human Rights Watch, “Israel: Allow Media and Rights Monitors Access to Gaza: Total Ban on Foreign Journalists Since Offensive Began”, Jan 05, 2009
http://www.hrw.org/en/news/2009/01/05/israel-allow-media-and-rights-monitors-access-gaza
[37] Aljazeera, “Israel frees Palestinian prisoners,” Monday, August 25, 2008
http://english.aljazeera.net/news/middleeast/2008/08/200882565115301249.html
[38]
B’tselem, “Statistics on administrative detention”
http://www.btselem.org/english/Administrative_Detention/Statistics.asp
[39] Charles D. Smith, Palestine and the Arab-Israeli Conflict, 4th ed. (Boston: Bedford/St. Martin's, 2001), p. 490
مذكور عند:
Stephen Shalom, “Question and Answer on Gaza,” January 16, 2009
http://www.zcommunications.org/znet/viewArticle/20269
[40] Attila Somfalvi, “Sheetrit: We should level Gaza neighborhoods,” Yediot Ahronot , Feb 10, 2008
http://www.ynet.co.il/english/articles/0,7340,L-3504922,00.html
[41] Kol Israel radio, “Amos Oz against Gaza invasion: `Ceasefire with Hamas,`” Feb. 12, 2008
http://www.jfjfp.org/background3_gaza-crisis_2007-08/oz_interview_0802.htm
[42] Seumas Milne, “Israel's onslaught on Gaza is a crime that cannot succeed,” The Guardian, Tuesday 30 December 2008
[43] AFP with The Daily Star, The Daily Star, Dec. 29, 2008
http://www.dailystar.com.lb/article.asp?edition_id=10&categ_id=2&article_id=98727
[44] مرجع سابق:
Dion Nissenbaum, “Israel prepares possible”, op. cit.
[45] مرجع سابق:
Seumas Milne, “Israel's onslaught…”…
[46] Richard Falk, “Statement by Prof. Richard Falk…”, Op. cit.
[47] Oxfam, “Gaza refugees facing massive water cuts, disease”, July 06, 2007
http://www.oxfam.org/node/181
[48] Richard Falk, “Gaza: Silence is not an option”, UN Press Release, Dec 09, 2008
http://domino.un.org/unispal.nsf/3822b5e39951876a85256b6e0058a478/31dd18391da1e61e8525751a004f5006!OpenDocument
[49] Gideon Levy, “The time of the righteous”, Haaretz, Jan 09, 2009 http://www.haaretz.com/hasen/spages/1054158.html
[50] مرجع سابق:
Tom Segev, “Trying to 'teach Hamas…”…
[51] Richard Falk UN Special Rapporteur for Human Rights in the Occupied Territory, “Slouching toward a Palestinian Holocaust”, June 29, 2007
http://www.transnational.org/Area_MiddleEast/2007/Falk_PalestineGenocide.html
[52] JPost.com staff and AP, “Gaza resembles concentration camp”, The Jerusalem Post, Jan. 8, 2009
http://www.jpost.com/servlet/Satellite?cid=1231424892341&pagename=JPost/JPArticle/ShowFull
[53] مرجع سابق:
Richard Falk, “Gaza: Silence is not an option”…
[54] Mark Weiss, “Cabinet to endorse legal backing for IDF troops”, The Jerusalem Post, Jan. 22, 2009
http://www.jpost.com/servlet/Satellite?pagename=JPost/JPArticle/ShowFull&cid=1232643727091
[55] Vaakov Katz, “IDF the Most Moral Army in the World”, June 11, 2006
http://www.jpost.com/servlet/Satellite?pagename=JPost/JPArticle/ShowFull&cid=1149572658286
[56] هيومان رايتس واتش، " سؤال وجواب عن الأعمال العدائية بين إسرائيل وحزب الله "، 16 تمّوز، 2006
http://www.hrw.org/en/news/2006/07/16
[57] مرجع سابق:
Oxfam, “Gaza: Oxfam supported health worker …”…
[58] UNHCR Briefing Notes [United Nations High Commissioner for Refugees], 6 January 2009
http://www.unhcr.org/news/NEWS/496355082.html
[59] مرجع سابق:
Seumas Milne, “Israel's onslaught …”…
[60] BBC, “Casualties rise in Gaza offensive”, Jan 06, 2009
http://news.bbc.co.uk/2/hi/middle_east/7812286.stm
[61] BBC, “Strike on Gaza school 'kills 30'”, Jan 06 2009
http://news.bbc.co.uk/2/hi/middle_east/7814054.stm
[62] Akiva Eldar, Amos Harel, Amira Hass, Avi Issacharoff and Anshel Pfeffer, “UN rejects IDF claim Gaza militants operated from bombed-out school”, Haaretz, 2009-01-07
http://www.haaretz.com/hasen/spages/1053455.html
[63] المرجع نفسه
[64] مرجع سابق:
Robert Fisk, “Why do they hate …”…
[65] Reuven Pedatzur, “The mistakes of Cast Lead”, Haaretz, Jan 08, 2009
http://www.haaretz.com/hasen/spages/1053607.html
[66] Amos Harel and Avi Issacharoff, “Price of stubborness over Gaza exit is dead soldiers”, Haaretz, Jan 06, 2009
http://www.haaretz.com/hasen/spages/1053121.html
[67] BBC, “Israel accused over Gaza wounded”, January 08, 2009
http://news.bbc.co.uk/2/hi/middle_east/7817926.stm
[68] Human Rights Watch, “Israel: Stop Shelling Crowded Gaza City: Effect of 155mm Artillery Indiscriminate in Populated Areas”, January 16, 2009
http://www.hrw.org/en/news/2009/01/16/israel-stop-shelling-crowded-gaza-city
[69] المرجع ذاته.
[70] Amnesty International, “Gaza Civilians Endangered by the Military Tactics of Both Sides”, Jan 08 2009
http://www.amnesty.org/en/for-media/press-releases/amnesty-international-calls-immediate-humanitarian-truce-gaza-20090106
[71] مرجع سابق:
Tom Segev, “Trying to 'teach Hamas …”…
[72] Amira Haas, “Gaza strike is not against Hamas, it's against all Palestinians”, Haaretz, Dec 29, 2008http://www.haaretz.com/hasen/spages/1050688.html
[73] Hazem Balousha and Chris McGreal, “United Nation Warns of a ‘Catastrophe unfolding’ ”, The Globe and Mail, Jan 05, 2009, p. A8
[74] Barak David, “Disinformation…”, op. cit.
[75] مرجع سابق:
Jimmy Carter, “An Unnecessary War”…
[76] مرجع سابق:
Richard Falk, “Gaza: Silence is not an option”…
[77] مرجع سابق:
Hazem Balousha and Chris McGreal, “United Nation Warns of a ‘Catastrophe unfolding’ ”…
[78] Kim Sengupta, Gazans face ‘humanitarian crisis’ as Israeli raids intensify, The Independent, Jan 02, 2009
http://www.independent.co.uk/news/world/middle-east/gazans-face-lsquohumanitarian-crisisrsquo-as-israeli-raids-intensify-1221111.html
[79] Taghreed El-Khodary, “Gaza Hospital Fills Up, Mainly With Civilians”, New York times, Jan 04, 2009
http://www.nytimes.com/2009/01/05/world/middleeast/05gaza.html?em
[80] Rannie Amiri, “What Humanitarian Crisis? Livni's Big Lie”, Counter Punch, Jan 09, 2009
http://www.counterpunch.org/amiri01092009.html
[81] BBC World News, Jan 04, 2009, 6:07 p.m. (Toronto)
[82] AFP, “Israeli guns bombard Gaza in escalation of Hamas war”, Jan 03, 2009
http://www.google.com/hostednews/afp/article/ALeqM5i6iuIOrdtPWrjPb2lF_hgiP8WJ0g
[83] Agence France-Presse, “Israel offensive heightens Gaza humanitarian crisis: aid agencies”, Jan 04, 2009
http://ca.news.yahoo.com/s/afp/090104/health/mideast_conflict_gaza_israel_relief
[84] المرجع السابق
[85] BBC World News, Jan 04, 2009, 9:15 a.m. (Toronto)
[86] Scott Wilson, “Israeli Panel Declares Gaza a 'Hostile Entity': Strip's Supply of Fuel, Electricity to Be Cut”, Washington Post, September 20, 2007; Page A14
http://www.washingtonpost.com/wp-dyn/content/article/2007/09/19/AR2007091901156.html
[87] Michael Ben-Yair, “The war's seventh day”, Haaretz, Mar 03, 2002
http://www.haaretz.com/hasen/pages/ShArt.jhtml?itemNo=136433
[88] Amos Schocken , “Citizenship law makes Israel an apartheid state”, Haaretz, June 27, 2008
http://www.haaretz.com/hasen/spages/996697.html
[89] Shahar Ilan, “A wall runs through it”, Haaretz, Nov 19, 2007
http://www.haaretz.com/hasen/spages/925404.html
[90] Ilan Pappe, “Citizenship law makes Israel an apartheid state”, June 30, 2008
http://ilanpappe.com/?p=75
[91] Alan Cowell, “Tutu criticizes Israel on trip to Holy Land”, St. Petersburg Times, Dec 24, 1989
[92] Miguel D’Escoto Brockman, “At the 57th Plenary Meeting on Agenda Item 16, the Question of Palestine”, U.N. Headquarters , 24 November 2008
http://www.un.org/ga/president/63/statements/agendaitem16241108.shtml
[93] Cnaan Liphshiz, “Canada schools blasted for ban on anti-Israel 'apartheid' poster”, Haaretz, Feb 27, 2009
http://www.haaretz.com/hasen/spages/1067277.html
[94] http://www.bdsmovement.net/
فلسطين
- الأرض لنا
- حدود البلدان وحدود القلب
- فلسطين
- الفلسطينيّون وجه المسيح
- الإيمان المسيحي والمقاطعة وفلسطين
- جسدُ المسيح المرفوع في غزّة
- الثقافة والمقاطعة: أيّة علاقة؟
- الإنسان والمبادئ: حملة المقاطعة لإسرائيل
- خطاب المثقف العربي للمحتلّ هو المقاطعة
- أمين معلوف والمقاطعة
- الحبّ والمقاومة: مخاطر في كلام مرسيل خليفة
- فلسطين: وسائل تحرير عنفيّة أم لا عنفيّة؟
- زيارة البطريرك الراعي لإسرائيل
- دعوى المال ضدّ المقاومة
- مواجهة إسرائيل كمسؤوليّة إيمانيّة
- دعاية مذبحة