بيان حول التحرّش والاعتداء الجنسيين في الكنيسة الأرثوذكسيّة الأنطاكيّة
صحيفة الأخبار، العدد ٣٠٥٦ الثلاثاء ١٣ كانون الأول ٢٠١٦
نحن كمواطنات ومواطنين في بلداننا، وكمنتمين إلى الكنيسة الأرثوذكسيّة الأنطاكيّة، قد راعنا، منذ زمن، ما ورد في وسائل الإعلام، وما سمعناه من مواقعنا المختلفة، عن حالاتٍ الاعتداء الجنسيّ بقاصرين وشباب في كنيستنا. ومع اعتقادنا بضرورة ملاحقة المرتكب، أو المرتكبين، أمام القضاء المختص ، وذلك إحقاقاً لحقّ الضحايا، فقد بدا لنا جيّداً ومشجّعاً أن تقوم الرئاسة الكنسيّة بخطوات جريئة نحو محاكمة داخليّة لأحد المتّهمين في إحدى الأبرشيّات في لبنان، وذلك بواسطة مجلس تأديبيّ. ورغم أنّ عمل هذا المجلس اتّسم بالسرّيّة التامّة، إلاّ أنّ التوجّه العامّ عكسه قرار اتّخذه مطران الأبرشيّة المعنيّة، بتاريخ 25 تشرين الثاني 2013، بمنع الكاهن والراهب المعنيّ من مقابلة الشباب، وتوقيفه عن إقامة القداس الإلهيّ، وخلعه عن رئاسة أحد الأديرة. لقد استأنف المتّهم هذا القرار الابتدائي ورفعت القضية إلى محكمة استئنافية تابعة للمجمع منذ أكثر من سنتين وحتى تاريخه لم يصدر الحكم النهائي أمامها رغم أنها القضية الوحيدة التي ينظر فيها هذا المجلس المشكّل خصيصاً.
ولكنّ المؤسف هو ما شهدناه خلال الأشهر التي تلت إعلان قرارات المطرانيّة المعنيّة، من خرق لهذه القرارات على يد المتّهم ومطارنة وكهنة في كنيستنا.
إنّ الموقّعات والموقعين أدناه يودّون التشديد على الأفكار الآتية:
أوّلاً: إنّ الاعتداء الجنسي هو عمل قهريّ يسيء إلى كرامة الإنسان الآخر وجسده ولا يحترم حرّيّته. وهو عمل تدينه القوانين الوضعية وقوانين الكنيسة في دول العالم كافّةً بغضّ النظر عن جنس المعتدي والمعتدى عليه. بالطبع، الأخطر بين هذه الحالات هي تلك التي يستغل فيها المعتدي سلطة معنوية (دينية) أو مادية على المعتدى عليه أو أيضا علاقة الثقة التي وضعها المعتدى عليه فيه. وهنا ينبغي أن نميّز بدقّة بين المثليّة الجنسيّة بين بالغين أحرار، وبين التحرّش الجنسيّ القسريّ الذي يعتدي على قاصرين أو بالغين، وينتقص من كرامتهم. ،.
ثانياً: ولئن كانت الكنيسة مكاناً للتوبة، إلاّ أنّ ثمّة اختلافاً بين التوبة والتأديب. فالتأديب أمر جوهريّ في التربية الإنسانيّة عامّةً والقوانين الكنسيّة خاصّةً. والتأديب لا يُقصد منه التشفّي أو تدمير المرتَكِب، بل المحافظة على كرامة المعتدى عليه من جهة، ودفع المعتدي إلى سلوك نهج جديد من جهة أخرى. ومن ثمّ، فإنّ التأديب جزء لا يتجزّأ من مسيرة العودة عن الخطيئة، أي التوبة.
ثالثاً: إنّ كلّ مؤمنةٍ ومؤمن، وكلّ ذي موقع رسميّ في القيادة الكنسيّة، مسؤول عن مواجهة قضايا التحرّش الجنسيّ وعن الدفاع عن الضحايا بشكل مشرّفٍ يحفظ كرامتهم، ويحيطهم بالعناية، ويردع المعتدي. إنّ أيّ سلوك دون هذا المستوى يعرض الضحية للأذى مرتين، ويعرض الناس للخطر، والجسم الكنسي عامة للأذى، عبر ترك المعتدي يمارس نشاطه الكنسيّ من غير رادع.
رابعاً: إنّ السكوت، أو السعي إلى كتم أصوات الضحايا، أو إخفاء الحقيقة، يُعدّ مشاركةً في الجريمة يتحمّل كلّ إنسان مسؤوليّتها الإيمانيّة أمام الله، ومسؤوليّتها الأخلاقيّة أمام نفسه والمجتمع.
خامساً: إنّ القادة الكنسيّين، بحكم موقعهم، هم المسؤولون الأوّلون عن ملاحقة هذه القضيّة حتّى إحقاق حقّ المعتدى عليهم. إنّ سعي قادة الكنيسة إلى إظهار الحقّ في أسرع وقت كفيل بتعزيز ثقة أبناء الكنيسة فيهم وفي صدقهم وإخلاصهم للمسيح يسوع.
سادساً: إنّ من حقّ المؤمنين الذين يعلمون بحقيقة الاعتداءات، وأولئك الذين يشكّون فيها، أن تأتي نتائج المحاكمة علنيّةً، وذلك بغية تعميق الوعي والعمل على حماية أشخاص آخرين يمكن أن يقع عليهم الضرر في المستقبل.
سابعاً: إنّ تطبيق القوانين الكنسيّة يجب أن يقترن بإطلاق ورشة إعادة نظر في هذه القوانين بغية تطويرها وتحديثها، فضلاً عن إدراج موضوع التحرّش الجنسيّ ضمن البرامج التربويّة الكنسيّة.
ثامناً: إنّ من واجب القيادة الكنسيّة الأرثوذكسيّة وضع أطر للتحقيق وإصدار الأحكام في حالات التحرّش الجنسيّ مستفيدةً بذلك من الأخطاء التي ارتُكبت في كنائس أخرى، وكذلك من سعي هذه الكنائس المبارك إلى التصويب والشفافيّة. فنحن نأبى أن تخون كنيستنا الأرثوذكسيّة فكر المسيح عبر إنكار حالات التحرّش وحماية المرتكبين.
تاسعاً: نحن نعاهد، أمام الله والكنيسة والمجتمع، ضحايا التحرّش الجنسيّ على الذهاب في هذا الموضوع حتّى خواتيمه، إذ لن يثنينا أيّ ضغط عن متابعة هذه القضيّة، حتّى تتجلّى الكنيسة عروساً نقيّةً للمسيح، "لا غضن فيها ولا عيب".
عاشراً: إنّنا رغم وجود قناعة راسخة لدينا كأشخاص بأنّ هذه القضيّة محقّة، إلاّ أنّنا، ومن دون أن نطلق حكماً على المتّهم هنا، نحثّ القضاء الكنسيّ على الإسراع في المحاكمة، لأنّ سرعة التقاضي حقّ في كلّ قوانين العالم، والابطاء فيها يفاقم الآثار النفسيّة والاجتماعيّة على الضحيّة وعلى المجتمع والجسم الكنسيّ.
حادي عشر: إذا كان المتحرّش جنسيّاً رجل دين، فهذا لا يعطيه صكّاً ليكون فوق القانون والمحاسبة. ولذا، فمؤسّسات الدولة، والقضاء خصوصاً، مطالَبةٌ بالقيام بواجباتها كاملةً لحماية الأحداث والبالغين من التحرّش، ومحاكمة أيّ شخص يقوم بمثل هذا الارتكاب، حتّى ولو كان رجل دين.
ثاني عشر: انطلاقاً من إيماننا، نرى في وجه أيّ ضحيّة للتحرّش الجنسيّ، كائنةً ما كانت الطائفة أو المعتقدات التي تنتمي إليها، وجه المسيح المصلوب. ومن هنا، تشكّل هذه القضيّة مناسبةً لنطلق الصوت عالياً، كي يلتقي الفاعلون، من الطوائف والانتماءات الفكريّة المختلفة، للعمل على تغيير البنى السائدة في مجتمعنا، والتي تجنح إلى إسكات صوت الضحيّة عوضاً من إعلائه، ما يسهّل ممارسة التحرّش الجنسيّ في المؤسّسات الدينيّة وخارجها بلا رادع.
الموقّعات والموقّعون أدناه:
هبة أبو الروس، ساندي جرجي، ديمتري خضر، ألكسندر رومي، بول صوان، سلمى فيّاض، أسعد قطّان، نجيب كوتيا، نيقولا لوقا، كريستل مدني، خريستو المرّ، فادي شاهين، زينة الهبر
للتوقيع الإلكتروني الرجاء استعمال الرابط التالي: https://www.change.org/u/649387466
ولكنّ المؤسف هو ما شهدناه خلال الأشهر التي تلت إعلان قرارات المطرانيّة المعنيّة، من خرق لهذه القرارات على يد المتّهم ومطارنة وكهنة في كنيستنا.
إنّ الموقّعات والموقعين أدناه يودّون التشديد على الأفكار الآتية:
أوّلاً: إنّ الاعتداء الجنسي هو عمل قهريّ يسيء إلى كرامة الإنسان الآخر وجسده ولا يحترم حرّيّته. وهو عمل تدينه القوانين الوضعية وقوانين الكنيسة في دول العالم كافّةً بغضّ النظر عن جنس المعتدي والمعتدى عليه. بالطبع، الأخطر بين هذه الحالات هي تلك التي يستغل فيها المعتدي سلطة معنوية (دينية) أو مادية على المعتدى عليه أو أيضا علاقة الثقة التي وضعها المعتدى عليه فيه. وهنا ينبغي أن نميّز بدقّة بين المثليّة الجنسيّة بين بالغين أحرار، وبين التحرّش الجنسيّ القسريّ الذي يعتدي على قاصرين أو بالغين، وينتقص من كرامتهم. ،.
ثانياً: ولئن كانت الكنيسة مكاناً للتوبة، إلاّ أنّ ثمّة اختلافاً بين التوبة والتأديب. فالتأديب أمر جوهريّ في التربية الإنسانيّة عامّةً والقوانين الكنسيّة خاصّةً. والتأديب لا يُقصد منه التشفّي أو تدمير المرتَكِب، بل المحافظة على كرامة المعتدى عليه من جهة، ودفع المعتدي إلى سلوك نهج جديد من جهة أخرى. ومن ثمّ، فإنّ التأديب جزء لا يتجزّأ من مسيرة العودة عن الخطيئة، أي التوبة.
ثالثاً: إنّ كلّ مؤمنةٍ ومؤمن، وكلّ ذي موقع رسميّ في القيادة الكنسيّة، مسؤول عن مواجهة قضايا التحرّش الجنسيّ وعن الدفاع عن الضحايا بشكل مشرّفٍ يحفظ كرامتهم، ويحيطهم بالعناية، ويردع المعتدي. إنّ أيّ سلوك دون هذا المستوى يعرض الضحية للأذى مرتين، ويعرض الناس للخطر، والجسم الكنسي عامة للأذى، عبر ترك المعتدي يمارس نشاطه الكنسيّ من غير رادع.
رابعاً: إنّ السكوت، أو السعي إلى كتم أصوات الضحايا، أو إخفاء الحقيقة، يُعدّ مشاركةً في الجريمة يتحمّل كلّ إنسان مسؤوليّتها الإيمانيّة أمام الله، ومسؤوليّتها الأخلاقيّة أمام نفسه والمجتمع.
خامساً: إنّ القادة الكنسيّين، بحكم موقعهم، هم المسؤولون الأوّلون عن ملاحقة هذه القضيّة حتّى إحقاق حقّ المعتدى عليهم. إنّ سعي قادة الكنيسة إلى إظهار الحقّ في أسرع وقت كفيل بتعزيز ثقة أبناء الكنيسة فيهم وفي صدقهم وإخلاصهم للمسيح يسوع.
سادساً: إنّ من حقّ المؤمنين الذين يعلمون بحقيقة الاعتداءات، وأولئك الذين يشكّون فيها، أن تأتي نتائج المحاكمة علنيّةً، وذلك بغية تعميق الوعي والعمل على حماية أشخاص آخرين يمكن أن يقع عليهم الضرر في المستقبل.
سابعاً: إنّ تطبيق القوانين الكنسيّة يجب أن يقترن بإطلاق ورشة إعادة نظر في هذه القوانين بغية تطويرها وتحديثها، فضلاً عن إدراج موضوع التحرّش الجنسيّ ضمن البرامج التربويّة الكنسيّة.
ثامناً: إنّ من واجب القيادة الكنسيّة الأرثوذكسيّة وضع أطر للتحقيق وإصدار الأحكام في حالات التحرّش الجنسيّ مستفيدةً بذلك من الأخطاء التي ارتُكبت في كنائس أخرى، وكذلك من سعي هذه الكنائس المبارك إلى التصويب والشفافيّة. فنحن نأبى أن تخون كنيستنا الأرثوذكسيّة فكر المسيح عبر إنكار حالات التحرّش وحماية المرتكبين.
تاسعاً: نحن نعاهد، أمام الله والكنيسة والمجتمع، ضحايا التحرّش الجنسيّ على الذهاب في هذا الموضوع حتّى خواتيمه، إذ لن يثنينا أيّ ضغط عن متابعة هذه القضيّة، حتّى تتجلّى الكنيسة عروساً نقيّةً للمسيح، "لا غضن فيها ولا عيب".
عاشراً: إنّنا رغم وجود قناعة راسخة لدينا كأشخاص بأنّ هذه القضيّة محقّة، إلاّ أنّنا، ومن دون أن نطلق حكماً على المتّهم هنا، نحثّ القضاء الكنسيّ على الإسراع في المحاكمة، لأنّ سرعة التقاضي حقّ في كلّ قوانين العالم، والابطاء فيها يفاقم الآثار النفسيّة والاجتماعيّة على الضحيّة وعلى المجتمع والجسم الكنسيّ.
حادي عشر: إذا كان المتحرّش جنسيّاً رجل دين، فهذا لا يعطيه صكّاً ليكون فوق القانون والمحاسبة. ولذا، فمؤسّسات الدولة، والقضاء خصوصاً، مطالَبةٌ بالقيام بواجباتها كاملةً لحماية الأحداث والبالغين من التحرّش، ومحاكمة أيّ شخص يقوم بمثل هذا الارتكاب، حتّى ولو كان رجل دين.
ثاني عشر: انطلاقاً من إيماننا، نرى في وجه أيّ ضحيّة للتحرّش الجنسيّ، كائنةً ما كانت الطائفة أو المعتقدات التي تنتمي إليها، وجه المسيح المصلوب. ومن هنا، تشكّل هذه القضيّة مناسبةً لنطلق الصوت عالياً، كي يلتقي الفاعلون، من الطوائف والانتماءات الفكريّة المختلفة، للعمل على تغيير البنى السائدة في مجتمعنا، والتي تجنح إلى إسكات صوت الضحيّة عوضاً من إعلائه، ما يسهّل ممارسة التحرّش الجنسيّ في المؤسّسات الدينيّة وخارجها بلا رادع.
الموقّعات والموقّعون أدناه:
هبة أبو الروس، ساندي جرجي، ديمتري خضر، ألكسندر رومي، بول صوان، سلمى فيّاض، أسعد قطّان، نجيب كوتيا، نيقولا لوقا، كريستل مدني، خريستو المرّ، فادي شاهين، زينة الهبر
للتوقيع الإلكتروني الرجاء استعمال الرابط التالي: https://www.change.org/u/649387466