الأب جورج مسّوح
يصارع أكثر من تنّين، وبين يديه تعرف اللغة معنى النضال الكنسيّ من أجل مسيحيّة مخلصة للمسيح وبالتالي لا طائفيّة. بانفتاحه على الآخر تعمّق في التأمّل بوجه مسيحه، وكلّما غاص في الآخر عبقت في كلامته رائحة الميرون، واندفع كي يقول المحبّة منفتحةً لتكون في الحقّ، وكي يقولها صادمة حتّى لا تضيع الحقيقة أو ما يراه من الحقيقة... الحقيقة لا يمكنها أن تكون لا صادمة. أحبّه الكثيرون، وأبغضه المتعصّبون والكارهون في طائفته، وأبغضه المتعصّبون والكارهون في الطوائف والأديان الأخرى، والكراهية لم تُدركه. أحبّ يسوع حتّى الثمالة وحتّى الشهادة لصليب حبّه المصلوب لا الصالب.
لا يكتب ولا يقول إلاّ لأنّه خَبَزَ عقله وقلبه وعظامه بالكلمة "المذبوح منذ إنشاء العالم"، لهذا تجيء كلماته في بساطتها الفذّة، ضوءا في عتمة المنطقة وهذياناتها. تنّين التعصّب لم يصل إليه، وتنّين الكيديّة لم يلمس صفاء الذهن لديه. كلامه اللاذع أمام السفاهة الكبيرة في الكنيسة الأنطاكيّة، لا يوازيه إلاّ روح الدعابة لديه والعمل الجاد من أجل ترجمة الإنجيل بلغة اليوم وقضايا اليوم.
يشهد لمنطقة خالية من الدول الدينيّة، المواطن فيها إنسان ولهذا هو متساو مع كلّ إنسان آخر في الوطن. لا يلوك الكلمات، فالدولةُ المعاصرة المنسجمة مع كرامة الإنسان كلّ إنسان لا يمكنها في فكرِهِ أن تكون إسلامية ولا مسيحية بل علمانيّة. جادَلَ ويجادلُ "بالتي هي أحسن"، مفنّدا حجج المتخبّطين في غياهب الاستعلاء تحت اسم الإخلاص للدين أو لروح العصر. أكثر ما صارع، صارع تنّينَ استسهال المقارنات بين نصوص الذات وسوء أفعال الآخر، فشدّد على مقارنة النص بالنص والممارسة بالممارسة ليستقيم الحوار بين الطوائف والأديان. والحوار همّه الشاغل لعلّ الحوار يودي إلى فهم الآخر كما الآخر يفهم ذاته. الحوار لديه ضروريّ حتّى لا يبقى المتديّنون في عدائهم لطواحين هواء، فليقبلوا أو فليرفضوا ما يشاؤون المهمّ أن يقبلوا أو يرفضوا ما هو حقيقيٌ وليس وهما. "الإنسان عدو ما يجهل" لهذا أراد أن يلقي معرفة في أرض بلاده.
فلسطين التي في قلبه كانت دائمة الحضور في الوجدان والكتابة والمحاضرات، وحرّية وكرامة الإنسان في سوريا بقيت هاجسا له وسط الدمار المادي والروحيّ العميمين، وكذلك بقي أقباط مصر. وشهاداته تضيء وتروي العطاش إلى أصالة الإنجيل. "يستبق الخيرات" بتعبه في حقل الإيمان والعقل. يزرع ليقطف الآخرون فاكهة الفهم والحقّ من مقالاته الأسبوعيّة؛ ويترك سرّ دخول الملكوت لسيّد الملكوت وسيّد الأرض. عرف السيّد في حركة شبيبةِ كنيسته وبها، فلم ير سيّدا في أسياد هذا العالم، هكذا خدم السيّد الوحيد، ذاك الذي لأنّه سيّدٌ خَدَمَ الناس أجمعين مرفوعاً على خشبة. لهذا كلّه كان حرّاً من أيّ خوف يمرّ به، ولم يعرف وجع الذين خانوا وجوههم فخسروها أو فقدوها. هو الكاهنُ قدّم ذاته مرفوعاً على صليب الخدمةِ كراعٍ، وصليب العلم والدراسة كباحثٍ، وصليب النضال اليوميّ من أجل يسوع في هذا العالم وهذه المنطقة. في تعبه الكبير اليوم، قلبُه في معركة الشهادة للمسيح، ويدُه على المحراث، وعيناه للأمام.
يأخذ على ذاته قلق الآخرين وصلبانهم، ويشهد للحرّية والحقّ في وسط الوقوع الكبير لمسيحيّي الشرق في مخالب تنّين الحقد والكراهية. يدعوهم لأكثر من العيش، يدعوهم للحياة الوحيدة أي لوجه السيّد.
كرامة الإنسان هي نصب عينيه، وفي جحيم الأتون الذي أُلقي به مع سكّان بلادنا يتمشّى في وسط النار وما بعمقه ضررٌ، لأنّ "بجانبه منظرُ شخص شبيهٍ بابن الآلهة".
هو الصديق المُحبّ، كان دائماً اللقاءُ به مع زوجته ماغي وأولادهما، حياةً جمالاً وعمقاً وضحكاً وإطلالاتٍ إلى ملكوت الله في الحياة اليوميّة وفي قلب هذا العالم. لقاؤنا دائمٌ في وجه السيّد، وفي ساحات النضال، نضالنا وأخواتنا وإخوتنا لأجل وجه المظلومين الذين هم يسوع، ولقاؤنا دائمٌ في قافلة المحبّين الذين أضاءوا لنا الطريق بنوره هو.
محبّتنا من هنا، وإلى لقاء قريب وجهاً لوجه. أشهدُ أنّك تشهد.
١٥ تشرين أوّل ٢٠١٧
لا يكتب ولا يقول إلاّ لأنّه خَبَزَ عقله وقلبه وعظامه بالكلمة "المذبوح منذ إنشاء العالم"، لهذا تجيء كلماته في بساطتها الفذّة، ضوءا في عتمة المنطقة وهذياناتها. تنّين التعصّب لم يصل إليه، وتنّين الكيديّة لم يلمس صفاء الذهن لديه. كلامه اللاذع أمام السفاهة الكبيرة في الكنيسة الأنطاكيّة، لا يوازيه إلاّ روح الدعابة لديه والعمل الجاد من أجل ترجمة الإنجيل بلغة اليوم وقضايا اليوم.
يشهد لمنطقة خالية من الدول الدينيّة، المواطن فيها إنسان ولهذا هو متساو مع كلّ إنسان آخر في الوطن. لا يلوك الكلمات، فالدولةُ المعاصرة المنسجمة مع كرامة الإنسان كلّ إنسان لا يمكنها في فكرِهِ أن تكون إسلامية ولا مسيحية بل علمانيّة. جادَلَ ويجادلُ "بالتي هي أحسن"، مفنّدا حجج المتخبّطين في غياهب الاستعلاء تحت اسم الإخلاص للدين أو لروح العصر. أكثر ما صارع، صارع تنّينَ استسهال المقارنات بين نصوص الذات وسوء أفعال الآخر، فشدّد على مقارنة النص بالنص والممارسة بالممارسة ليستقيم الحوار بين الطوائف والأديان. والحوار همّه الشاغل لعلّ الحوار يودي إلى فهم الآخر كما الآخر يفهم ذاته. الحوار لديه ضروريّ حتّى لا يبقى المتديّنون في عدائهم لطواحين هواء، فليقبلوا أو فليرفضوا ما يشاؤون المهمّ أن يقبلوا أو يرفضوا ما هو حقيقيٌ وليس وهما. "الإنسان عدو ما يجهل" لهذا أراد أن يلقي معرفة في أرض بلاده.
فلسطين التي في قلبه كانت دائمة الحضور في الوجدان والكتابة والمحاضرات، وحرّية وكرامة الإنسان في سوريا بقيت هاجسا له وسط الدمار المادي والروحيّ العميمين، وكذلك بقي أقباط مصر. وشهاداته تضيء وتروي العطاش إلى أصالة الإنجيل. "يستبق الخيرات" بتعبه في حقل الإيمان والعقل. يزرع ليقطف الآخرون فاكهة الفهم والحقّ من مقالاته الأسبوعيّة؛ ويترك سرّ دخول الملكوت لسيّد الملكوت وسيّد الأرض. عرف السيّد في حركة شبيبةِ كنيسته وبها، فلم ير سيّدا في أسياد هذا العالم، هكذا خدم السيّد الوحيد، ذاك الذي لأنّه سيّدٌ خَدَمَ الناس أجمعين مرفوعاً على خشبة. لهذا كلّه كان حرّاً من أيّ خوف يمرّ به، ولم يعرف وجع الذين خانوا وجوههم فخسروها أو فقدوها. هو الكاهنُ قدّم ذاته مرفوعاً على صليب الخدمةِ كراعٍ، وصليب العلم والدراسة كباحثٍ، وصليب النضال اليوميّ من أجل يسوع في هذا العالم وهذه المنطقة. في تعبه الكبير اليوم، قلبُه في معركة الشهادة للمسيح، ويدُه على المحراث، وعيناه للأمام.
يأخذ على ذاته قلق الآخرين وصلبانهم، ويشهد للحرّية والحقّ في وسط الوقوع الكبير لمسيحيّي الشرق في مخالب تنّين الحقد والكراهية. يدعوهم لأكثر من العيش، يدعوهم للحياة الوحيدة أي لوجه السيّد.
كرامة الإنسان هي نصب عينيه، وفي جحيم الأتون الذي أُلقي به مع سكّان بلادنا يتمشّى في وسط النار وما بعمقه ضررٌ، لأنّ "بجانبه منظرُ شخص شبيهٍ بابن الآلهة".
هو الصديق المُحبّ، كان دائماً اللقاءُ به مع زوجته ماغي وأولادهما، حياةً جمالاً وعمقاً وضحكاً وإطلالاتٍ إلى ملكوت الله في الحياة اليوميّة وفي قلب هذا العالم. لقاؤنا دائمٌ في وجه السيّد، وفي ساحات النضال، نضالنا وأخواتنا وإخوتنا لأجل وجه المظلومين الذين هم يسوع، ولقاؤنا دائمٌ في قافلة المحبّين الذين أضاءوا لنا الطريق بنوره هو.
محبّتنا من هنا، وإلى لقاء قريب وجهاً لوجه. أشهدُ أنّك تشهد.
١٥ تشرين أوّل ٢٠١٧