موقع خريستو المرّ
Arabic | English
  • كتب
  • محاضرات
  • مقالات في «الأخبار»
  • المقالة الأسبوعيّة
  • الإيمان والحياة اليوميّة
  • فلسطين
  • التزام شؤون الإنسان
  • الإيمان والثقافة
  • كلمات
  • خريستو المرّ
  • مواقع صديقة

المقالة الأسبوعيّة

الحياة الخارجة من الموت

1/21/2025

 
​خريستو المرّ، الثلاثاء ٢١ كانون الثاني / يناير ٢٠٢٥
 
٤٦٩ يوما والفلسطينيّون يُبادون في غزّة باليد والعقل الصهيونيّين والإرادة والدعم الإمبراطوريّين، ويُطحنون في الضفّة بين مطرقة الاحتلال وبين سندان السلطة. و٤٦٩ والفلسطينيّون يُقاومون بكلّ ما أوتي لهم من قوّة وإرادة وإيمان وتمسّك بالحقّ وبالطيبة. ٤٦٩ يوما وأشلاء تتناثر في فلسطين ولبنان واليمن والضغط على الاستعمار يتواصل من المقاومة في البلدان الثلاث. ٤٦٩ يوما وإرادة التحرّر والحياة تنطق بها روح المقاومة عن العالم أجمع الذي صرخ خيرة بناته وأبنائه في طرقات المعمورة ليقولوا لا للإبادة الاستعماريّة المنشأ والتمويل والتنفيذ، ويرفضوا كلّ إمبراطوريّة وكلّ إبادة. ٤٦٩ والقلب الإنسانيّة ينتفض ويحتجّ ويدين والرادة الإنسانيّة تصارع الحديد والنار. ٤٦٩ يوما والجسد الفلسطينيّ يقاوم عن العالم أجمع ويكشف للعالم أجمع حقيقة الوحشيّة الاستعماريّة في كلّ زمن وحين، ويفضح الوجه الحقيقيّ للرأسماليّة حين تقف أمامها الإرادة الإنسانيّة لترفض استغلال الجسد الروح الإنسانيّين، لترفض تحويل الإنسان إلى شيء يُراد نفيه من الحياة، إلى شيء يُسجن ويُضطهد ويُهَدَّد ويُرهَّب ويُستباح ويُطوَّع ويُقتل، ويُباع ويُشترى ويُباد لجني الأرباح من كهنة الرأسماليّة، وخدّامها الإقليميّين. ٤٦٩ يوما والجسد الفلسطينيّ يمشي في جلجلته حاملا على كتفيه أوجاع العالم أجمع الذي يقتات جسده الوحش الاستعماريّ. ٤٦٩ يوما والموت يمشي خلف الجسد وينتظر اللحظة الأخيرة ليعلن نفسه سيّدا على الشعب الفلسطينيّ، سيّدا على الجسد المدمّى، سيّدا على الجبين المكلّل بالأشواك والنار، سيّدا أخيرا بلا منازع على الإرادة التي تجرّأت وقالت «لا». وحين ارتفع الجسد الفلسطينيّ على صليب الإبادة وبكته الأرض التي تمزّقت أمّا ثكلى، حين لم يعد بالإمكان التمييز بين الموت والجسد، في نهاية إعلان العالم عن نهاية الحياة الفلسطينيّة التي غرقت في عتمة القتل والوحشيّة، التي نزلت إلى الموت، وطأ الجسدَ الفلسطينيّ بموته الشهاديّ الموتَ الإباديّ، وقفز النصر على الموت خارج الموت وعدا بالحرّية المنتصرة، وشهادة أنّ الحياة أقوى من الموت، فكسرت المقاومة شوكة الموت بالموت، وكانت شهادة أنّ الكلمة الأخيرة التي نعرف أنّها ستكون في نهاية الزمن كلمة الله، كلمة الحياة، تتجلّى في هذا الزمن في شهادة الذين يقولون لا لتحويل الإنسان إلى شيء، في شهادة الذين يقولون لا للاستلاب، لا للاستعباد، لا للخضوع، لا للكراهية، لا للاستعلاء، لا لسلطة المال على الروح، لا سلطة للوحشيّة على الضمير، لا إله إلاّ الله، ولذلك لا سلطة على الإنسان إلاّ سلطة الحبّ والحرّية، وهما الغالبين.
تلك هي الشهادة الفلسطينيّة للقرن الجديد، تلك هي شهادة الذين قالوا معهم «لا» بألف طريقة وطريقة، ذاك هو الدرس الذي احتاج العالم أن يصحو عليه من الخدر الذي انتشر في جسمه مع نهاية الأحلام منذ وضع الاستعمار الأميركيّ يده على رقبة العالم وقال لنا استريحوا وكلوا واشربوا وافرحوا، وكانت الوليمة جسدا، وكان الشراب دما، وكان الفرح مغادرا، وكانت الأرض مغلقة. اليوم فتحت غزّة لنا العالم على المدى، وشرّعت أبواب الأحلام من جديد، وقالت أنّ الذين يحبّون الحياة يحبّونها حتّى الشهادة كي لا تصير الحياة عصفا مأكولا، موت يرتع في القلب، وكابوسا يُغلق التاريخ.
قام النصر ولم يعد العالم في القبر. من كان مُحبّاً للحقّ، فليتمتَّع بهذا الخبر البهيّ. من تحمَّل مشقَّة الإبادة، فليشارك الآن في الفرح. مَن عَمِلَ من الساعة الأولى لوحشيّة آلة القتل، فليتنفّس اليوم الصعداء. مَن شارك النضال متأخّرا، فليعيِّد شاكراً. مَن وافى المناضلين بعد تردّد، فلا يتردّد بالبكاء من الفرح. مَن تخلَّف وخاف ثمّ انضمّ إلى موكب الحالمين بالعدالة، فليتقدَّم إلى مائدة الحياة.
مَن لم يَصِل إلاّ ببطء، فلا يخجل من إبطائه فها هو الآن حرّ. إنَّ الحرّية سخيٌّة تُفرحُ العامل الأخير كالعامل الأوّل، تُعطي نفسها لذاك وهذا، تقبل الأعمال وترتاح إلى النيَّة، تقدِّرُ العمل وتمتدح العزم. فليشارك بالفرح الفلسطينيّ المحبّون المناضلون، الأوَّلون والآخرون، الأغنياء والفقراء، المصمّمون والمتردّدون، المحاصرون والذين لم يُحاصَروا. مائدة الحرّية والحياة حافلة، والفرح كبير، فلا يبقَ أحدٌ وحيدًا أو جائعًا، فقد ظهرت تباشير التحرّر الكامل. ولا يخشَ أحدٌ الموتَ، لأنّ من غزّة ولبنان واليمن حرَّرتنا شهادةُ الحياة والحرّية. أخمدَ الجسدُ الفلسطينيّ أنفاسَ الموت حين قبضَ الموت عليه، ومرمر المحتلّ، تمرمر المحتلّ لأنّه باطل. تمرمر لأنه هزىء به. تمرمر لأنه بات يلفظ أنفاسه الأخيرة، تمرمر لأنه قد رُبط. هاجم جسداً فصادف حياة وإرادة لا تموتان، هاجم أرضاً فوجدها سماء. هاجم ما رأى، فسقط من حيث لم يرَ.
أين شوكتك يا موت؟ أين غلبتك يا جحيم الاستعمار؟ صار الفلسطينيّون صورة المسيح، صورة الحياة والحرّية؛ أنت صُرعتَ وصارت غزّة باكورة المتحرّرين.

Comments are closed.

    الكاتب

    خريستو المر
    المقالات المنشورة في «الأخبار»

    الأرشيف

    October 2025
    September 2025
    August 2025
    July 2025
    June 2025
    May 2025
    April 2025
    March 2025
    February 2025
    January 2025
    December 2023
    November 2023
    October 2023
    September 2023
    August 2023
    July 2023
    June 2023
    May 2023
    April 2023
    March 2023
    February 2023
    January 2023
    December 2022
    November 2022
    October 2022
    September 2022
    August 2022
    July 2022
    June 2022
    May 2022
    April 2022
    March 2022
    February 2022
    January 2022
    December 2021
    November 2021
    October 2021
    September 2021
    August 2021
    July 2021
    June 2021
    May 2021
    April 2021
    March 2021
    February 2021
    January 2021
    December 2020
    November 2020
    October 2020
    September 2020
    August 2020
    July 2020
    June 2020
    May 2020
    April 2020
    March 2020
    February 2020
    January 2020
    December 2019
    November 2019
    October 2019
    September 2019
    August 2019
    July 2019
    June 2019

    Categories

    All

    RSS Feed

 ليس من حبّ أعظم من هذا : أن يبذل الإنسان نفسه عن أحبّائه: يسوع المسيح
  • كتب
  • محاضرات
  • مقالات في «الأخبار»
  • المقالة الأسبوعيّة
  • الإيمان والحياة اليوميّة
  • فلسطين
  • التزام شؤون الإنسان
  • الإيمان والثقافة
  • كلمات
  • خريستو المرّ
  • مواقع صديقة