موقع خريستو المرّ
Arabic | English
  • كتب
  • محاضرات
  • مقالات في «الأخبار»
  • المقالة الأسبوعيّة
  • الإيمان والحياة اليوميّة
  • فلسطين
  • التزام شؤون الإنسان
  • الإيمان والثقافة
  • كلمات
  • خريستو المرّ
  • مواقع صديقة

المقالة الأسبوعيّة

مقاضاة إعلامٍ مُضَلِّل ضروريّة في سياق الدفاع عن المجتمع: دعوى «المفكرة القانونيّة» نموذجا

4/12/2025

 
خريستو المرّ، السبت ١٢ نيسان / أبريل ٢٠٢٥
 
من الضروري تسليط الضوء على ما أشاعته محطة «إم تي في» اللبنانيّة حول المفكرة القانونيّة وغيرها، والمنطق الكامن وراء لجوء «المفكّرة القانونية» إلى القضاء في مواجهة الحملة الإعلامية المضللة التي استهدفتها، ونرجو أن يحذو غيرها حذوها على غير صعيد، منه صعيد التطبيع مع نظام الإبادة العنصريّ الصهيونيّ.
إن التحرّك القانونيّ في مواجهة ما تطلقه تلك المحطة وغيرها لا يمثل مجرد رد فعل شخصي، بل يشكل ضرورة مُلحّة لحماية الفضاء العام النقديّ، وصون الحقّ في التعبير عن الرأي ضمن إطار الالتزام بالحقائق، والحفاظ على أُسس التعدديّة الفكرية التي يقوم عليها أي نظام إنسانيّ سليم والذي لا يمكن أن يزدهر في بيئة يشوّهها التضليل.
إن جوهر القضية يتجاوز بكثير مسألة الإساءة الشخصية التي طالت المؤسّسة ومديرها، وغيرهما من المؤسّسات والأشخاص. نحن أمام محاولة واضحة من قبل قناة تلفزيونيّة بعينها لتجاوز حدود الإعلام القائمة على تقديم الحقائق، وذلك من خلال فرض هيمنتها على الخطاب العام، وإقصاء أي صوت يخالف توجّهاتها ومصالحها، خاصة فيما يتعلق بالقضايا الاقتصاديّة والاجتماعيّة الحسّاسة. محاولة الهيمنة الإعلاميّة تلك لا تقتصر على ترويج وجهة نظر واحدة، بل تمتدّ لتشمل محاولة تشكيل الوعي العام بمعلومات مضلِّلة في قضايا الإصلاحات المستقبلية، والاستحقاقات الانتخابيّة، وهو ما يشكل تهديدًا حقيقيًا لقدرة المواطنين على تكوين آراء مستنيرة بمعلومات غير مضلِّلة، واتخاذ قرارات واعية بناءً على الحقائق لا الأوهام.
التهديد العلني الصريح الذي صدر من أحد مذيعي القناة، والذي يحمل في طياته نذر «النهاية» لكل من ينتقد توجهات المحطّة، لم يأتِ في سياق معزول. لقد سبقته حملة ممنهجة سعت إلى تشويه سمعة «المفكّرة القانونية» التي طالما دأبت على الوقوف بجانب الحقيقة والحقّ أكان ذلك من خلال وقفها مع الضعاف في المجتمع حين تحاول السلطات (ومنها الدينيّة) سحقهم، أو كان بنقدها الشرس للعدوّ الصهيونيّ في حربه الإباديّة الأخيرة.
إن تصوير «المفكّرة القانونيّة»، وغيرها من الأصوات، كقوى معادية تسعى لتقويض مؤسسات الدولة، وتنفيذ أجندات خارجيّة (المحطّة الغرّاء بريئة منه!)، بلغة تحريضيّة خطيرة، تجاوزت حدود النقد المـُسنَد المشروع لتصل إلى مستوى شيطنة الـمُخالف بالتحليل والتوجّهات، وتجريده من قيمته الإنسانية عبر نشر معلومات زائفة تُشَيطنه، وهو ما يفتح الباب أمام الترهيب، والعنف، الفكري والماديّ، نتيجة للتضليل المتعمّد.
في هذا السياق، يصبح اللجوء إلى القضاء ليس مجرّد حق قانوني، بل واجبًا أخلاقيًا وعقلانيًا للدفاع ليس فقط عن الذات، بل عن الفضاء العام من التشويه، وعلى ضرورة وجود الإعلام القائم على الحقيقة. إنّ اللجوء إلى محكمة المطبوعات (على علّاتها)، بصفتها الضامن لحرية التعبير، وحماية سمعة الأفراد والمؤسسات من التشهير بأخبار كاذبة، ضروريّ لوقف هذا الانحدار الخطير في الممارسة الإعلامية المضللة والتحريضية، فالسماح لها باستمرار في أكثر من مجال، يقوّض أسس النقاش العام الرصين (وأحيانا السلم الأهليّ)، ويشجع على ثقافة الإقصاء والعنف، المعنويّ أقلّه.
إن بث الأخبار الكاذبة التي تثير الفتن، وتتجاوز بذلك حدود الإعلام، كما والترهيب والتخويف الذي يسعى لإسكات الأصوات المنتقدة عبر التلاعب بالحقائق، وكذلك تشويه سمعة شخص أو مؤسّسة بافتراءات لا أساس لها، كلها ممارسات غير مقبولة في أي مجتمع، يدّعي الديمقراطيّة، وبالتالي يُفتَرَضُ بإعلامه أن يرتكز على الصدق والنزاهة. إنّ التأكيد على هذه المبادئ الأساسية ورفض تحويل الفضاء الإعلامي إلى ساحة لنشر الأضاليل لا يمكن أن يكون بالنقد فقط، بل بتحرك قانوني كان يجب أن يلجأ إليه المجتمع منذ زمن بحقّ عدّة وسائل إعلام وإعلاميّين في مواضيع مختلفة ليس أقلّها الترويج للتطبيع مع عدوّ يريدون أرضنا واستلابنا.
تتلقّ جميع المؤسّسات الدينيّة والدنيويّة مساعدات خارجيّة في بلادنا، الحكم الفصل ليس في تلقّي المساعدات، بل في أمرين: قانونيّة تلقّي تلك المساعدات، وشفافيّة التصريح عنها، والأهمّ الخطّ الذي تًصرف فيه تلك المساعدات: أهو لتنفيذ مشاريع مضرّة بالسلم الأهلي، وتمكين المجتمع، والمصلحة العامّة أم مفيدة لها. على هذا يُحاسب الذين يتلقّون مساعدات خارجيّة. لا شكّ أنّ مصدر المساعدات مهمّ، بالطبع المصدر الاسرائيليّ غير مقبول جملة تفصيلا، ولكنّا لا نتكلّم عن ذلك فهو مرفوض وخارج البحث في عُرفنا، وإنّما نتكلّم عن «نظافة» المساعدات من غير ذاك المصدر المرفوض جملة وتفصيلا. هل يوجد مؤسّس في العالم الغربيّ أو العربي نظيفة؟ وكيف يكون مال الإمبراطوريّة «نظيفا»، وكيف يكون مال الدول الاستعماريّة الأوروربيّة «نظيفا»، وتلك دولٌ تعيش على الاستغلال وتجني المال من الحروب والقتل؟ ما من مال نقيّ بالكامل في هذا العالم. هذا لا يعني أنّه ما من مال حلال، كما أنّه لا عني أنّه لا يجب أن نستعمل المال الخارجيّ في ظلّ دولة مهملة لشعبها لدرجة «الخيانة» ، ولكن يعني أنّ الأهمّ في موضوعنا الأساس هو وجود ضوابط منطقيّة للمال، إذ يمكن للمجتمع، للدولة التي (من المفترض) أن تمثّله، أن يشرّع طريقة تمويل خارجيّ، قانونيّة وشفّافة، ويحاسب على هذا الأساس، ويمكن أن يشرّع طريقة شفّافة في الصرف ونشر البيانات المالية لتلك المؤسّسات، ويحاسب على ذاك الأساس.
إن الاتهامات الخطيرة التي وجهتها القناة ضد «المفكّرة القانونية»، والتي تمس بنزاهتها ووطنيّتها، لا تستند إلى منطق أو حجّة، وتتعارض بشكل صارخ مع مبدأ تقديم الحقائق. لقد بدا جليّا أنّ الهدف من هذه الحملة هو تقويض مصداقية المؤسسة وثنيها عن القيام بدورها النقديّ في المجتمع. في هذا السياق، يصبح الدفاع عن «المفكّرة القانونية» دفاعًا عن حقّ المجتمع في وجود أصوات مستقلّة وقادرة على مساءلة السلطة، وحقّ المجتمع بإعلام نزيه يكشف الحقائق دون خوف من الترهيب، ومن التشويه الذي يعتمد على تزييف الواقع.
إنّ لجوء «المفكّرة القانونية» إلى القضاء يمثل خطوة منطقيّة ومسؤولة في مواجهة محاولة إسكات صوت العقل والحقيقة، والنتائج الكارثيّة على الإعلام نفسه لهذا التصرّف المتهوّر، ألا وهو تشويه المدى الإعلاميّ بتدمير مصداقيّته. إنّ الانتصار لهذه المعركة القانونية ليس انتصارًا لمؤسسة بعينها، بل هو انتصار لقيم حرّية التعبير، والتفكير النقدي المرتكز على الحقائق، ورفض قاطع لمحاولات تضليل الرأي العام وقمع الأصوات المستقلّة.

Comments are closed.

    الكاتب

    خريستو المر
    المقالات المنشورة في «الأخبار»

    الأرشيف

    October 2025
    September 2025
    August 2025
    July 2025
    June 2025
    May 2025
    April 2025
    March 2025
    February 2025
    January 2025
    December 2023
    November 2023
    October 2023
    September 2023
    August 2023
    July 2023
    June 2023
    May 2023
    April 2023
    March 2023
    February 2023
    January 2023
    December 2022
    November 2022
    October 2022
    September 2022
    August 2022
    July 2022
    June 2022
    May 2022
    April 2022
    March 2022
    February 2022
    January 2022
    December 2021
    November 2021
    October 2021
    September 2021
    August 2021
    July 2021
    June 2021
    May 2021
    April 2021
    March 2021
    February 2021
    January 2021
    December 2020
    November 2020
    October 2020
    September 2020
    August 2020
    July 2020
    June 2020
    May 2020
    April 2020
    March 2020
    February 2020
    January 2020
    December 2019
    November 2019
    October 2019
    September 2019
    August 2019
    July 2019
    June 2019

    Categories

    All

    RSS Feed

 ليس من حبّ أعظم من هذا : أن يبذل الإنسان نفسه عن أحبّائه: يسوع المسيح
  • كتب
  • محاضرات
  • مقالات في «الأخبار»
  • المقالة الأسبوعيّة
  • الإيمان والحياة اليوميّة
  • فلسطين
  • التزام شؤون الإنسان
  • الإيمان والثقافة
  • كلمات
  • خريستو المرّ
  • مواقع صديقة