موقع خريستو المرّ
Arabic | English
  • كتب
  • محاضرات
  • مقالات في «الأخبار»
  • المقالة الأسبوعيّة
  • الإيمان والحياة اليوميّة
  • فلسطين
  • التزام شؤون الإنسان
  • الإيمان والثقافة
  • كلمات
  • خريستو المرّ
  • مواقع صديقة

المقالة الأسبوعيّة

نحو مشروع وطني للدفاع عن لبنان ومقاومة الاستعمار

10/21/2025

 
خريستو المرّ، الثلاثاء ٢١ تشرين أوّل / أكتوبر ٢٠٢٥
​
الإنسان هو الأساس. يجب أن تكون الدولة والهياكل الأمنية والسياسية والاقتصادية خادمة لحياة الناس وكرامتهم. عندما يتراجع هذا المبدأ تتحوّل كلّ المؤسسات إلى غاية في ذاتها، وتفقد مشروعيتها أمام المواطنين. من هنا، وأمام انكفاء الدولة عن قيامها بواجباتها في الدفاع عن الشعب والأرض، كان ويبقى حقّ الشعب أن يخلق شكل المقاومة الذي ينسجم مع ظروفه ليحافظ على الأرض والحرّية.ما نواجه في لبنان والمنطقة ليس تهديداً عابراً، وإنّما كيان له أبعادٌ متعددة: استعماريّة تسعى إلى الهيمنة ونهب الثروات، عنصريّة تهاجم الكرامة الإنسانية، إباديّة تقتل وتدمّر، وذات طموحات توسّعية تهدّد الإنسان والأرض. فَهْم طبيعة هذا العدوّ يفرض علينا تبنّي مقاربة شاملة تجمع بين الدفاع عن الأرض، حماية الناس، وبناء قدرات الدولة، ووحدة الشعب كمواطنين ومواطنات، وليس كمجموعات منفصلة من الهويّات الدينيّة، ما يضعفنا أيّما ضعف.
التضحيات التي قام بها المقاومون هي كنز وطنيّ، ينبغي أن تبقى موضع فخر وذاكرة وطنية، وإلهاماً للحاضر والمستقبل؛ فقد أسهموا في صياغة هويّة هذا البلد وأضفوا عليها النَفَس المقاوم الضروري للحياة. كما إنّ الفكر المقاوم حاجة تربويّة شعبيّة إلى الحاضر كما إلى المستقبل.
لكن كلّ هذا لا يعني أنّنا لسنا بحاجة إلى مشروع وطنيّ، بل يؤكّده، لأنّ حماية أهداف المقاومة (الشعب والأرض) تحتاج إلى تأسيس مشروع وطني يرى بالكيان الصهيونيّ خطراً وجوديّاً، ويحمي بهويّته الوطنيّة الجامعة كلّ قدرة شعبيّة وعسكريّة رسميّة على المقاومة دفاعاً عن الشعب والأرض.
الدعوة هنا هي لوضع إطار سياسي وقانوني يوازن بين حقّ الدفاع، ومقتضيات وجود قدرة للدولة، ووحدة الشعب. فالتجربة أوضحت أن هناك نقاط ضعف أساسية في مقاومة الاستعمار والدفاع عن لبنان، ينبغي معالجتها فوراً، منها: (1) قدرة شعبية محدودة على الصمود ليس نتيجة خلل عسكري (فعسكريّاً كانت المقاومة فاعلة)، وإنّما نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية منذ 2019 من دون أيّ خطّة أو مشروع لتجاوزها؛ (2) ضعف الجهوزية المدنية للطوارئ والتي تحتاج إلى وجود دولة قادرة لا إلى حزب أو جمعيّات: بنية الملاجئ، خطّة طوارئ؛ (3) استمرار النظام الطائفي الذي يسمح باستمرار التفسّخ الوطني، فيعرقل نشوء احتضان وطني جامع للمقاومة.
والنظام الطائفيّ هو خطر لدرجة أنّه يؤدّي إلى حالة من التفسّخ حتى في أبسط القضايا -كالجدل حول تلوّث مياه منتج محلّي في الأسبوع المنصرم- فكيف بأكبرها ألا وهو الدفاع عن الأرض والشعب؟ وهو خطر لأنّه أساساً هو تركة الاستعمار وبالتالي يجب التحرّر منه.
لكنّ الوجه السياسي للمقاومة يتحمّل (مع غيره) جانباً وازناً من المسؤولية عن هذا الضعف، عن غياب مشاريع اقتصادية واجتماعية واضحة تُقوّي الوحدة الوطنية وتحصّن الداخل، كون هذا الوجه السياسيّ شارك في الحكومات منذ سنوات بعيدة، ولم يحرّك إصبعاً للقيام بأيّ خطوة للخروج من النظام الطائفيّ، أو لإصلاح الاقتصاد وخدمات الدولة، أو لدعم قدرة الجيش. كما إنّ الفريق السياسيّ وقف بشراسة أمام أيّ تغيير في النظام عام 2019، وبعدها لم يقم بوضع أو دعم أيّ خطّة (حقيقيّة غير كلاميّة) للخروج من المأزق الوطنيّ.
واليوم، جميع أركان الحكم – ومن ضمنهم الوجوه السياسيّة للمقاومة – يعطون انطباعاً واضحاً بأنّهم مع استمرار الأمور كما كانت عليه، أي استمرار أسباب ضعفنا. ولهذا نستنتج منطقيّاً بأنّ هذا النهج السياسيّ المستمرّ للمقاومة يشكّل خطراً على مكاسب الوجه العسكريّ وتضحياته، وعلى مستقبل البلاد وحياة الناس فيه؛ ذلك لأنّه لا يرفد البلاد بخطط (كما لا يدعم خططاً منطقية وواقعيّة موضوعة من أحزاب خارج الحكم) فيمنع أن تكون المقاومة العسكريّة مأمونة الجانب في الداخل، بالوحدة الوطنيّة والقدرة الاقتصاديّة والجيش القادر.
هذا لا يَحطّ من قيمة التضحيات، وإنّما يضع بضع نقاط على حروف السياسة ويوضح أنّه لا يمكن الدفاع عن الوطن بفعالية من دون مشروع وطنيّ متكامل، سياسي واقتصادي واجتماعي، يقوّي الشعب والدولة معاً، يبني دولة مواطنة عصريّة يمكنها أن تجمع بين اقتصاد متين وجيش قادر ومقاومة شعبيّة. أن يكون المشروع وطنيّاً لا يعني أن يكون جامعاً (في البداية أقلّه)، فهناك أحزاب سياسية تموضعت اليوم عمليّاً مع العدوّ.
لبنان بحاجة اليوم إلى مشروعٍ وطنيٍ واضح ومُعلن: مشروع يُبنى على كرامة الإنسان، يقرّ بحقّ الدفاع المشروع، ويضع في المقابل البُنى (دولة مواطنة، جيش واقتصاد قادران) التي تحمي كياننا وتحترم تضحيات المقاومين الشهداء. هذا الطريق هو الضمان الحقيقي لاستدامة القدرة الوطنية على مقاومة الاستعمار الإباديّ، والدفاع عن الأرض والحرّية في وطننا. نرجو أن يستيقظ العقل من غرقه في ملحاحيّة اللحظة الحاضرة لينفتح على ضرورات الحاضر والمستقبل.
* من محاضرة ألقيت في مؤتمر «نحو مشروع سياسي تحرري وديموقراطي» في بيروت، في 18 تشرين أوّل 2025، نظّمته «مبادرة الدولة الديموقراطيّة الواحدة»

Comments are closed.

    الكاتب

    خريستو المر
    المقالات المنشورة في «الأخبار»

    الأرشيف

    October 2025
    September 2025
    August 2025
    July 2025
    June 2025
    May 2025
    April 2025
    March 2025
    February 2025
    January 2025
    December 2023
    November 2023
    October 2023
    September 2023
    August 2023
    July 2023
    June 2023
    May 2023
    April 2023
    March 2023
    February 2023
    January 2023
    December 2022
    November 2022
    October 2022
    September 2022
    August 2022
    July 2022
    June 2022
    May 2022
    April 2022
    March 2022
    February 2022
    January 2022
    December 2021
    November 2021
    October 2021
    September 2021
    August 2021
    July 2021
    June 2021
    May 2021
    April 2021
    March 2021
    February 2021
    January 2021
    December 2020
    November 2020
    October 2020
    September 2020
    August 2020
    July 2020
    June 2020
    May 2020
    April 2020
    March 2020
    February 2020
    January 2020
    December 2019
    November 2019
    October 2019
    September 2019
    August 2019
    July 2019
    June 2019

    Categories

    All

    RSS Feed

 ليس من حبّ أعظم من هذا : أن يبذل الإنسان نفسه عن أحبّائه: يسوع المسيح
  • كتب
  • محاضرات
  • مقالات في «الأخبار»
  • المقالة الأسبوعيّة
  • الإيمان والحياة اليوميّة
  • فلسطين
  • التزام شؤون الإنسان
  • الإيمان والثقافة
  • كلمات
  • خريستو المرّ
  • مواقع صديقة